كنوز ودفائن القدماء
قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم ) 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم ) 829894
ادارة المنتدي قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم ) 103798
كنوز ودفائن القدماء
قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم ) 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم ) 829894
ادارة المنتدي قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم ) 103798
كنوز ودفائن القدماء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنوز ودفائن القدماء

الحضارات القديمة والتاريخ
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر
Anonymous



قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم ) Empty
مُساهمةموضوع: قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم )   قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم ) Emptyالجمعة 27 يوليو 2012 - 6:34

قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم )

بعد حُبٍّ جميل نقي لم تدنّسه المُحرَّمات تزوَّج أحمدُ زينبَ؛ حيث كانا يسكنان في حيٍّ واحد، وتربيا ضمنَ بيئة واحدة، كانت الأَوْلَوِيَّة فيها للدين دائمًا.
عاش أحمد وزينب كلَّ حياتِهما في أسعد ما يكون بين المرء وزوجه، ولم تُضِفْ تلك السنون إلى حُبِّهما إلاَّ الحيوية والاستمرار؛ حيث تَجمع بينهما مشاعرُ المودَّة والرَّحْمة والسكينة؛ حيثُ كان أول اهتمامات زينب هو إسعاد زوجها العزيز، وكان أحمد أيضًا لا يهمه إلاَّ إسعاد زينب الحبيبة إلى قلبه، ولا يكدِّر هذه المعيشة مكدِّر سوى أمر واحد لم يكن بيدهما.
فأحمد تاجر كبير ورجل أعمال ميسور الحال، والمال متوفر بين يديه مما أنعم الله عليه، فلا يَحتاجان إلى شيء إلاَّ توفَّر لهما، فكانت مَعيشتهما هانئة رغيدة مُنعَّمة، باستثناء هذا الأمر الذي ليس بأيديهما تغييره، ألاَ وهو الولد والذُّرِّية الصالحة التي لا تأتي إلا بإذن الله.
منذ أول زيارة لهما إلى الطبيب، عَلِمَا أنَّهما لن يُنجبا، وعلم أحمد أنَّه هو سبب هذا الحرمان، فهو العقيم، الذي لا ينجب، والأَمَلُ كما قال الطبيب: مستحيل إلا بإذن الله.
ومن يومها أصبح إنجاب الأطفال هو همَّ الزَّوجين الوحيد، فلم يَيْئَسَا يومًا، ولم يتركا طبيبًا إلاَّ وذهبا إليه ولكن لا فائدة.
ومضت الأيامُ والسنوات، واعتاد الزوجان هذه الحالَ، وهذا الحرمان، وأكملا حياتَهما مكتفِيَيْنِ بِحُبِّهما وبِرِّهِما لبعضهما البعض، آمِلَيْنِ من الله أنْ يرزقهما الولدَ يومًا ما.
بعد عدة سنين من زواجهما قَرَّر أحمدُ وزينب أن يتركا سوريا، ويذهبا للعيش في أمريكا؛ حتى ينمِّي أحمد تِجارته، ولعله يجد علاجًا له هناك.
عاش الزوجان باقي حياتهما في أمريكا، ونَمَت تِجارة أحمد، وأصبح من كبارِ رِجَال الأعمال في أمريكا، ولكنَّه لم يَجدِ العلاجَ الذي يكون سببًا ليرزقه الله الولد.
اقتنع الزوجان بقدرهما، وحَمدا اللهَ على ما وهبهما من مَحَبَّة وسعادة ورزق مبارك، وكان هذا الاقتناع نتيجةً لنقاشاتٍ وحوارات كثيرة كانت كثيرًا ما تُفْتَح بين الزوجين، والتي كان مَن يفتحها غالبًا هو أحمد؛ كونه يعتقد أنَّه السبب في حرمان الله لهما من الولد، ولأنه يشعر بأنَّ زينب حُرِمَت من نعمةِ الأمومة بسببه، فكان دائمًا يُبدي كلماتِ الأسف والاعتذار لزينب، ويتكلم عن حزنه؛ لأنَّها حرمت بسببه من أن تكون أمًّا، حتى‎ إنَّه فاجأها في يومٍ بأن عرض عليها حريتَها، وقال: إنَّه على استعدادٍ أن يُطلِّقَها رغم الألَم الذي سيسببه فراقُها له، ولكن ذلك كله يهون في سبيلِ سعادتِها، عندما تَجِد زوجًا آخر، وتنجب منه بإذن الله الولدَ الذي يَمنحها صفةَ الأم.
ولكنَّ هذا الكلامَ نزل على قلبِ زينبَ كالصاعقة، وغضبت يومَها أشَدَّ الغضب، ولامته على تَجرُّئِه؛ ليتفوه بهذه الكلمات المُؤلِمَة بالنسبة لها، ثُمَّ سألته بالله أنْ لا يعودَ لِمثلها مرة أخرى، وقالت له بعد كل هذا اللوم: أنا راضية بما قَسَمَه الله لي، وكما تعرف أنَّ لكل إنسان رزقًا معينًا يَخصه الله به، ولا يُمكن أن يَحصل على الرزق كله والله - تعالى - اختارَ لنا رزقنا، وهو سعادتنا وحبنا لبعض، وهذا النعيم الكبير الذي نحن فيه.
وآخرون اختار الله - سبحانه - لهم الذُّرِّية، ولكن رُبَّما حرمهم من المحبة أو المال أو الصِّحَّة، فلماذا لا نرضى بما قَسَمه الله لنا، ونصبر على ما حرمنا منه من نعمةِ الولد؟ ثُمَّ سألته قائلة: أَوَلا تُحِبُّ أن تكونَ من الشاكرين الصَّابرين؟ فكان لهذا الكلام وقعه الإيجابي على أحمد، فشعر بالسكينة والطمأنينة، ولكنه رد عليها قائلاً: ولكني أحزن لأجلك، فقاطعته وقالت: لنُنهِ هذا الموضوع، ولا نفتحه أبدًا، حتى يأذنَ الله لنا بأمر.
ومن ذلك اليوم لم يفتحْ هذا الموضوع قطُّ، ودارت الأيامُ، ومضى على زواجهما أكثرُ من عشرين سنة، وهُمَا راضيان برزقِ الله يَحمدانه ويَشكُرانه عليه، حتى جاء يومٌ دَخَل فيه أحمد على زينب وهو سعيد، وجهُه يضحَك، فسألته زينبُ عن سِرِّ هذه السعادة، التي تبدو على أسارير وجهه، فرد وهو مرتبك لا يكاد يُفهم الكلام الذي يتكلم به: خبرٌ بمالِ الأرض كلها، حلمنا يا زينب، حلمنا سيتحقق بإذن الله، فلم تفهم زينب أيُّ شيء عن قصدِه، فقالت: أيُّ حلم يا أحمد، وما الذي تقصده؟! قل لي بالله عليك.
فقال أحمد وهو يكاد يطير من الفرح: الولدُ يا أغلى الناس أصبحَ اليومَ مُمكنًا، أصبح بإمكاننا أن نُنجب بإذن الله، والأمل كبير، فردت عليه زينبُ ببرود لا يناسب فرحته وتوتره مطلقًا: وكيف ذلك؟ وما هذا الأمل الذي تتكلم عنه بهذه الثِّقَة، فأَثَّر ذلك البرودُ في أحمد، فصار أقلَّ حيوية؛ بسبب طريقتها، وقال: ولِمَ تسألينَ بهذه الطريقة؟! ألاَ يُسعدك أن نرزَق بالولد؟!
• طبعًا يُسعدني ولكني أتفاجأ من ثقتك بهذه الطريقة.
• وما الذي يَمنعني أنْ أثقَ بالله؟! فلقد التقيتُ اليومَ وأحدَ الأطباء وكلمته عن حالتي، وبَشَّرني أنَّ الطِّبَّ قد اكتشف علاجًا لحالتي بالذات، والأمل أكبر من 70%، فلِمَ تَحرمينني من أنْ أسعد وأهنأ؟
• سامحني - يا أحمد - ولكني أخاف من أنْ نعودَ لنحلم ونأمل، وفي النهاية نكتشف أن أحلامنا كلَّها كاذبة.
• إذا كان الطبيبُ نفسه هو مَن أكَّد لي هذه الحقيقة، وقال: إنَّ فرصتنا بالإنجاب كبيرة جدًّا - إن شاء الله - فَلِمَ نَيْئَس من رَوْحِ الله؟!
• أعوذ بالله من اليأس، وأرجو أنْ لا يَحرمنا الله، ولكن تدري أنِّي تجاوزتُ الأربعين من عمري، فأخشى أن تصبحَ قادرًا على الإنجاب، وينتقل السبب منك لي.
• وأين الله إذًا؟! إن كنتِ أنت تتكلمين بهذا الكلام، فماذا يصنعُ مَن ليس له صِلَة بالله أصلاً، فأين إيمانك بالله؟!
• أستغفر الله، سامحني يا رب، فاتِّكالي عليك وحدَك.
أجرى أحمدُ الفحوصاتِ هو وزوجه، ثُمَّ تعالَجَ أحمدُ، ولم تَمضِ شهورٌ إلاَّ وحملت زينبُ، وطار الزوجان فرحًا وسعادة، فالشيء الوحيدُ الذي ينقصهما أصبحَ قابَ قوسين أو أدنى.
ومن لحظةِ الحمل صار لزينبَ هَمٌّ جديد لم تكن تُفكِّر فيه مُطلقًا، وهو تربيةُ وَلَدِها، وكيف سيعيش في أمريكا بلدهما الحالي، والذي يختلف كُلَّ الاختلاف عن سوريا بلدهما الأصلي، وهل سيقدر هذا الولد على مُقاومة كلِّ الشَّهَوات، التي تنتشر بأمريكا، وهذا التفسخ الأخلاقي الذي تتصف به.
فبالنسبة لزينب ولأحمد أيضًا الدينُ هو في المقام الأول، والحفاظُ عليه مَطلب لا يُسَاوَم عليه على الإطلاق، ولذا كان هذا الموضوع الحديث شِبْهَ الوحيد، الذي تفتحه زينب مع زوجها، ولكنَّه لم يكن يُوافقها في آرائها في أغلب الأحيان، ويقول لها: إنَّ الإنسانَ يتبع أهله وطريقةَ تربيتهم له، ولكنَّ هذا لم يَكن يُقنِعُ زينبَ؛ ولهذا تطور معها الحال حتى طلبت منه أنْ يُصَفِّيَ أعمالَه في أمريكا؛ ليعودا إلى سوريا، فابنها هو الأهم، وهو أغلى مِن كُلِّ هذه التجارة، وحمايته ودينه في المقام الأول، ولكنَّ أحمد لم يسمع كلامَها؛ لعدم قناعته بهذا الكلام، ولهذا بدأت زينب تبحثُ وحدَها عن الطريقة التي تَحمي ولدَها من خلالِها من هذا المجتمع المتحلل.
ولدت زينبُ وأنجبت زهرةَ حياتِهما هي وأحمد، وكانت هذه الزهرة صبيًّا سَمَّيَاه مُحمدًا، وسعدا به أيَّما سعادة، وأصبح محمدٌ هو الفرحةَ التي زادت البيتَ إِشراقًا ومَحبةً وسُرُورًا، واستمرت زينبُ بمخاوفِها وبإقناعها لزوجها؛ ليعودا إلى سوريا حتى يَحفظا هذه النِّعمة، التي أنعم الله عليهما بها في سِنٍّ متأخرة.
ولأن أحمدَ لم يكن مُقتنعًا بكلامها، قرَّرت زينبُ أن تُجاهد هي وحدَها؛ لتحميَ ولدَها، ومن أولِ أيامه في هذه الدُّنيا أصبحت تتكلم معه وكأنَّه رجل أمامَها، وتتحدث معه وهي ترضعه، وهي تَحمله وهو بجانبها، وتقول له: يا محمد، أنت مسلم، فلا ترضَ بغيرِ الإسلام دينًا، فهو الدين الحق، ووَحِّدِ اللهَ الذي هو وحدَه مَن يَستحق العبادةَ والألوهية.
واستمرت على هذا الطريق، فكلُّ ما تعرفه عن الدين تُعلِّمه إيَّاه وكأنه يفهم ما تقول، وتُحَدِّثه عن خَلْقِ السموات والأرض، وقُدرةِ الله، وكَيْفَ كان في رحمها، وحفظه الله من غير تدخُّل منها ومن أبيه، ثُمَّ أتى به إلى الدُّنيا؟ وكيف يحفظ اللهُ جميعَ عبادِه كذلك؟ وكان أحمد يشاهد صُنعَ زينب أحيانًا، ويسمع معظمَ كلامها لابنها، ويدهش من إصرارها عليه؛ حتى إنَّه دخل عليها مَرَّة، وهي تقرأ وِرْدَها بصوتٍ عالٍ ومُحمد بجانبها، فسلم عليها، وسألها: هل بَقِيَ لها الكثير؛ لتُنهِي الوردَ، أو لا؟ فردت: إنَّه لَم يبقَ لها إلاَّ صفحتان، وتقوم لترى حاجاتِه، فأراد أخذَ الولد، وأخبرها أنَّه سيأخذه؛ ليلعبَ معه ريثما تنتهي، فقالت بلهفة: لا، لا، اتركْه؛ لأُنْهِيَ الورد.
• وما دخل محمد بوردك؟ سألعب معه حتى تنتهي.
• هذا وِردي وورده أُسْمِعه إيَّاه؛ ليَسْمَعَ القرآن الكريم كاملاً، ويعتاد عليه، وسأعيدُه له بشكل مُستمر بإذن الله.
• لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، ما بكِ يا زينب؟! وهل يفهم الطفلُ كلَّ هذا الكلام، الذي تعلّمينه له، فيومٌ تُحدثينه عن الوحدانية، وآخر تحدثينه عن الخلق وقدرة الله، وغير ذلك واليومَ تَقرئين له القرآن!
• نعم - يا أحمد - أرجوك، لِمَ لا تفهمني؟! فأنا لا أعمل شيئًا سوى أنِّي أزرعُ الإسلامَ فيه، حتى إنْ صادفَتْه الشَّهَوات، وإن غابَ عن الإسلام لسبب ما أو نَسِيَ، تذكّره هذه الدروس.
• أنا لستُ ضِدَّكِ، وسأُعِينك بحول الله على تربيته، ولكن الآن هو رضيعٌ لا يفهَم، وأَعِدُك من بداية نُطقِه أني سأعلمه القرآن بعون الله.
• وما يُدريكَ أنَّنا سنبقى لذاك اليوم؟
• هل تعلمين الغيبَ، وأننا سنموت؟
• أنا لا أقول هذا، ولكن عندي خوفٌ لا أستطيعُ تفسيرَه، ثُمَّ افرض أنَّنا عشنا، فأمريكا مُخيفة وأخاف من أن لا يقاوم شهواتِها؛ لذلك أغرسُ فيه القرآنَ والإسلام؛ ليكونَ هذا الغرسُ وقايةً له.
• لماذا أنت مُصِرَّة أن تُخيفيني بكلامِك، ولكن أتعلمين لِمَ يَحدث كلُّ هذا معنا؟ هذا لا يحدث إلاَّ لأنَّنا حُرِمْنَا أكثرَ من عشرينَ سنة، فلَمَّا رَزَقنا الله لَمْ نستوعبْ هذا الأمرَ، وأصبحنا نَخاف عليه من النسمة.
• لِمَ تفسره بهذا التفسير، وتصورني وكأنني مجنونة؟ يا أحمد أؤكد لكَ أنِّي مستوعبة لهذه النعمة، وخوفي ليس إلاَّ خوفًا طبيعيًّا، ولا أعملُ أكثرَ مِنْ اللاَّزِم، فأنا فقط أغرس الإسلامَ فيه، حتى إن كبر ولم أكن معه، تَكُن تربيتي وغَرسي هو الذي يبقى، ويرافقه؛ ولهذا أعود وأطلب منك أنْ نعودَ إلى سوريا، فالدين هو الأهم لهذا الولد، أهمُّ له من المال الذي نجمعه، ومن النعم التي تَملأ أمريكا.
• أعدك أنِّي سأفكر في كلامِك بشكل جِدِّيٍّ؛ لأنَّ كلَّ ما تفعلينه بدأ يؤثر فيّ من غيرِ أن أشعر.
• شرح الله صدرَك يا أغلى الناس، شَرَحْتَ صَدري، والآن سأكمل وردي، وأقوم لأجهز لك طعامَ الغداء.
مَضَتْ شهورٌ وبَدَأ محمد يكبر، وأبواه يسعدان به، فيومًا يُناغي ويومًا يَضحَك، وآخر يَحبو فيه، ومضت الأيام، وبدأ أحمد يصفي أعمالَه في أمريكا بعد أنْ بدأ يقتنع بكلامِ زوجته، ولكنه كان يُصفي أعمالَه شيئًا فشيئًا دون استعجال، وظَلَّت زينبُ على نَهجها في تربيتها لولدها الحبيب، حتى إنَّ أحمدَ أصبح يكلمه عن الإسلام، وعن عروبته، وعن بلده، كما تصنعُ زوجته، وبرز ذلك جليًّا في السنة نفسها التي هي 1948م حين احتلَّ اليهودُ أرضَ فلسطين المقدسة، وقامت دولتهم المزعومة، وهجَّروا الشعبَ الفلسطيني، وطردوه من أرضه ووطنه.
أثَّر هذا الحدثُ في أحمد وزينب، وحزنا حُزنًا شديدًا، فهذه أرضٌ عربِيَّة، وأيُّ أرض؟ فهي المقدَّسة سلبت من العرب، ومَن سلبها؟! لقد سلبها أظلمُ الناس، وأكثرهم إفسادًا في الأرض، وبهذا أصبحت ملكًا شرعيًّا لهم بنظر العالَم، وكاد أحمد يُجَنُّ مِن كَمِّ الغيظ الذي يَملأ صدرَه؛ نتيجةَ ما حدث، وبدأ دون أنْ يَشعر يُكلم ابنَه الصغير عن هذا الحدث، ويُخبره عن فلسطين والأقصى، وعن قدسيتهما، وأنَّ عليه أن لا يرضى بهذا الواقع لَمَّا يكبر، وأنْ يُسخِّر حياته كُلَّها لنصرة دينه ومقدساته، فأصبح حالُ أحمد كحال زوجته في تلقين ابنهما كُلَّ ما يؤمنان به من الحق.
ولما جاء رمضانُ أخذت زينبُ ابنَها مع زوجِها في أحَدِ أيامِه المباركة إلى أحد المساجد البعيدة؛ لعدمِ وجود مسجدٍ في منطقتهما البَعيدة، فأصبحت تُكلِّمه عن المئذَنَة وشُمُوخِها، وكيف عليه أن يُشبهَها؟ وعن المسجد وسَعَتِه وسكينته، وكيف عليه أن يأخذ من ذلك سَعَةَ صَدْرِه وسكينته وشعوره بالطمأنينة؛ كونه مسلمًا، ثم عن معاني الصلاة، وبُعْده من خلالها عن كل فحشاء، وأيِّ مُنكر.
وهي على حالِها في تكليمها لولدِها اقتربَ مَوْعِدُ الإفطار، وصار المسلمون كخلية نَحل يُجهِّزون الطعامَ؛ ليأكلَ الناسُ، فهذه عادةُ المسجد لسنوات يُفطِّر المسلمين غنيَّهم وفقيرَهم؛ بُغْيَةَ الاجتماع والأُلْفَة، فأَثَّر هذا المعنى في زينبَ، فنَظَرت إلى وَلَدِها الرَّضِيع، ثم قالت: أترى - يا بني - المسلمَ وكَمْ هو رحيم رؤوف بإخوانه! وكم يُحِبُّ المسلم أخاه المسلم، فهنا لا فرقَ بين غنيٍّ وفقير، وهذا ما يعلمه ديننا لنا، فالمسلمُ الحقُّ هو الذي يرحم أخاه، ويَمشي في حاجته، والمسلم الحقُّ مَن يُنفق مالَه ونفسَه؛ نُصْرَة لدينه، وخدمةً لإخوانه، وهي على حالِها في هذا الكلام جاء أحمدُ يُنادي عليها؛ ليذهبا ليكونان بين المسلمين في هذا الجمع المبارك، يتناولان طعامَ الإفطار معهم.
أصبح عمرُ محمد سنةً ونصفًا، وخلال هذا الوقت كان أحمد مُستمرًّا في تصفيةِ أعمالِه، وقد أنهى مُعظمَها، وهو في رحلته لهذه التصفية سكن في منطقته التي تكاد تَخلو من العرب سوريٌّ جواهرجيٌّ، فتعرف عليه أحمد وسَعِدَ به كثيرًا، وحكى لزينب عنه فَسُرَّت لسُرورِ زوجها، ولأُنسه به، فمجرد أن يرى العربيُّ عربيًّا هناك، فهذا يشرحُ صدره، ثم كلمها عن عمله وإتقانه للمجوهرات التي يعملها، وللقلائد التي يمتاز بصناعتها يدويًّا، فردت عليه وهي تبتسم: يا إلهي، قلائد جميلة، إذًا لِمَ لَمْ تشترِ لي قلادةً، أو حتى يصنع لي الجواهرجيُّ قلادةً خاصة بي.
• أتُحبِّين ذلك؟
• وهل هناك من النساء من تكره المجوهرات والقلائد؟
• تكرم عيونك يا أحب الناس، وكيف لا أشتري لك إن عرفتُ أنَّك تُحبين المجوهرات، فمِنَ الغد أُوصي الجواهرجيَّ أبا علي؛ ليصنعَ قلادةً بإذن الله.
• إذًا أريد قلادةً خاصَّةً لا تُشبِه أيَّ قلادة، ولكن لم تقل لي: أين وصلتَ في تجهيز الأمور؛ لنذهبَ إلى سوريا؟
• انتهى أغلبُ العمل، وما هي إلا أشهر قليلة، ونعود إلى سوريا - إن شاء الله.
• يا إلهي، الحمد لله، وأخيرًا سننتهي من غربتنا، ونعود لبلدنا.
وفي الليل وبعد هذا الحوار نام أحمد، وحاولَت زينبُ أنْ تنامَ، ولكن دون فائدة، وهي تفكر في القلادة، وفي ابنها وفي أمريكا وسوريا، فهجمت عليها كلُّ هذه الأفكار، فطار النوم من عينيها، وفي الصباح أراد أحمد أن يخرج بعد تناوُله طعامَ الإفطار، ولكن زينب طلبت منه أن يبقى، فسألها عن السبب، فردت عليه قائلة: غيرت رأيي بالنسبة للقلادة.
• لا تريدينني أنْ أشتريها، أم ماذا؟
• لا بل أريد، ولكن ليس لي، بل لمحمد.
• لمحمد! هل أنت جادة؟ وهل يضعُ الرجلُ قلادة؟!
• ولِمَ لا؟ نصنعها تناسِب الرجال.
• تعرفين أن الذهب محرم على الرجال؟
• أنا لا أقول: إنَّها من الذهب، لتكن من الفضة، ولكن ليصنعها بحيث تكون ثَمينة بمظهرها، وطريقة صناعتها.
• لا أعلم ما الداعي لهذا، فلتكن القلادة لك، ولا تهتمي بمحمد، فسأحضر له أشياءَ كثيرة تُسعده - إن شاء الله.
• يا أحمد، سأحكي لكَ بكلِّ صراحة، البارحة لم أنم مُطلقًا، وأنا أفكِّر بهذه القلادة، وفي النهاية خلصت إلى فكرة تَجعلني أضعُ لمحمد رسالة من خلالها.
• رسالة! وهل يحتاج محمد لرسالة منك وأنت معه؟
• لا أقصد توجيهها له وأنا معه، بل إن حدث وغبت عنه، ولم أعُدْ أقدر على توجيهه وتربيته، تكن الرسالةُ هي التي توجّهه.
• زينب، أجُنِنْتِ أم ماذا؟! أنا لَم أعد أفهم شيئًا، ولكن لأمشي معك إلى النهاية، ما الرسالة؟
• لأصف لك القلادة؛ لتعرفَ من خلالِ الوصف ما الرسالة؟ أحمد، قل لصاحبك أنْ يصنعَ القلادةَ بشكلٍ جَذَّاب، وجميل، ورجولي؛ حتى لا تبدو نِسائِيَّة، ولتكن مُصممة بطريقةٍ تفتح فيها، وتنقسمُ قِسمين مُلتصقين، ولكن ليكن فَتحُها ليس بالسهل، وغير ظاهر جيدًا، فلا يفتحها أيُّ أحد، بل مَن عرفها جيدًا، ورافقته دائمًا.
• وما هذا التعقيد؟ فهل تريدين تهريبَ شيء فيها؟! "قال ذلك مازحًا".
• ليس تعقيدًا، ولكن لا أريد أنْ يفتحَها أحدٌ سوى ابني، وبداخلها لينقشْ عليها وبشكل جميل نقشًا مكتوبًا فيه: "يا محمد أنت مسلم".
• وهل يَحتاج محمد لرسالة منك تُعلِمه أنه مسلم، ثُمَّ - كما أعلم - إنَّ النقشَ يكون بعباراتٍ جميلة مثل: اسم الجلالة، أو "ما شاء الله"، أو غير ذلك من الكلمات المعبرة، فما هذه الكلمة التي اخترتِها لنقشِ القلادة، فليس فيها ما يميزها.
• ومن قال لك: إنِّي أبحث عن التميُّز؟ فأنا لا أريدُ إلاَّ أن أبعثَ لابني هذه الكلمةَ فقط؛ حتى إذا تاه، ونَسِيَ أنَّه مسلم؛ لعل الله يهديه لفتحها، فتذكره بدينه.
• تعلمين - يا زينب - أنِّي بدأت أشكُّ في أنَّ ثقتَكِ بابنك ليس جيدة، وتتوقعين أنه سيَعْصي الله، ويصبح شابًّا غَيْرَ صالح، والعياذ بالله.
• مَعاذَ الله أنْ أشُكَّ فيه، ولكني أودُّ أن أتوكل على الله حَقَّ التوكُّل، وآخذ بالأسبابِ كُلِّها، ومِن ثَمَّ أتركه يواجه الحياةَ؛ حتى لا يسألني اللهُ يومَ القيامة: لِمَ لم تربِّي ابنك؟
• احمدي الله أنَّ لك زوجًا يُحِبُّك، وإلاَّ فكيف لك بزوج يُذهب عَقْلَه، ويطيعُك بكل مخاوفك؟
• بل أنت سيد العُقلاء، ولكن حبك لي جعلك تشعُر بمخاوفي وتُقدِّرها، حتى أصبحت مخاوفي مخاوفك، ثُمَّ ما الضَّيْر إن فعلنا هذا؟ ألاَ تُحِب أن تُهدِي ولدَك أيَّ هدية، فلتكن القلادة هي هديتك له.
• كما تشائين، سأذهب لأبي علي الجواهرجي، وأطلبُ منه ما طلبتِ - إن شاء الله.
• شُكرًا لكَ كثيرًا؛ لأنَّكَ تُعينُنِي على تربيةِ ابننا، وأسألُ اللهَ أنْ يَجعله من الصَّالحين، ويحفظه بحفظِه؛ ليكونَ ناصرًا له.
• اللهم آمين.
صنع الجواهرجي هذه القلادة، وكما أرادت زينب رغم استغراب ذلك الجواهرجي، ولكنَّ أحمدَ فَسَّرَ له مَخاوِفَ زوجته، فحَيَّاه الجواهرجيُّ على مُساعدتِه لزوجته؛ لأنَّ شعورَ الأم صادق، رَغْمَ تأكيده أنَّ هذه القصة ستبقى غريبةً بالنسبة له، وذهب أحمد وأحضرها بعد تجهيزها، ودفع ثَمَنَها المكلف؛ بسبب مواصفاتِها التي اشترطتها زينب.
وفي طريق عودته وَضَع أحمدُ رسالةً لأخيه في البريد؛ ليُخبِرَه كعادته عن تطوُّرات تصفيته لأعماله، وذكر له قصةَ القلادة الغريبة، وحكى له عن مَخاوف زوجته، فكان أحمدُ يتعمَّد إخبارَه بذلك؛ تفاديًا لكلماتِ أخيه، التي يُمكن أن يسمعَها عندما يعرف بهذا، فهكذا يذهب غضبُ أخيه ريثما يعود هو وزوجته، ويكون قد نسيها، فهو لم يكن يُحِبُّ سَمَاعَ ما يكره من أخيه، ولكن أبا خالد أخا أحمد لم يترك ذلك، وبعث له رسالةً عاتَبَه فيها ولامه على هذا الجنون، واتَّهمهما بتضييعِ المال، الذي كَثُر بين يديه، فانزعج أحمدُ من كلامِه، ولكنه تَجاهله؛ لأنه هو وحدَه مَن يشعر بمخاوفِ زوجته، ويصدقها بهذه المخاوف.
سُرَّت زينبُ بالقلادة، وألبستها مُحمَّدًا مُباشرةً، رغم كبرها قليلاً، ولكن ذلك لم يَمنعها من إلباسه إيَّاها، على الرغم من مطالبة أحمد الحثيثة لها؛ لصِغَر الولد، ولكنها كانت ترفض، وتُبَرِّرُ ذلك بقولها: إنَّها لا تستطيعُ ذلك؛ لأنَّها أصبحت تشعُر بأنَّها الأمان للولد، حتى هي نفسها صارت أكثرَ اطمئنانًا بعد هذه القلادة.
أنهى أحمدُ أعمالَه، وباع البيت الذي كان آخر أملاكه في أمريكا، وجاء موعد العَوْدَة إلى الوطن، الذي طالما اشتاقا له، فهما لم يكونا يزورانه إلاَّ مرة كلَّ سنة أو سنتين.
استأجرا سيارةً وركبا فيها مع ابنهما الوحيد الحبيب، وتوجَّها إلى المطار، وفي أحد الأسواق التي يَمُرَّانِ بها في طريقهما خرجت عليهما سيارةٌ من طريقٍ فرعي بسرعة جنونية، كان فيما يظهر أنَّ سائقَها قد شرب الخمرَ حتى السُّكْرِ، وفي ثوانٍ هجمت الأفكار على قلب زينب، وأيقنت أنَّها ميتة هي وزوجها وابنها إن لم تفعل شيئًا، فصار هَمُّها الوحيد هو كيف تنقذ ابنها، وفي ثوانٍ فكرت في أنْ تُغطِّيَ ابنها بجسدها، فأنزلت رأسها، وضَمَّت ولدَها بيديها، فأصبح الولد محجوزًا في حجرها، ويغطيه رأسُها ويداها.
وضُربت السيارة، وانحرفت عن الطَّريق، واصطدمت بالجدار الجانبي للشارع، فتوقفت السيارة؛ نتيجةَ اصطدامها بالحائط، ففتحت زينبُ عينَيْها، ومن غير تفكير فتحتِ البابَ، وألقت بنفسها وولدِها "الذي كاد أن يختنق وهي تضمه بجسدها" على الأرض، وهنا حررته من يديها، بعد أن أيقنت بابتعاد الخطر عنه، فبدأ يبكي ويُحاول البقاء عند أمه، وصار الناس يتراكضون ويَجتمعون حولَ هذا الحادث، فكانت زينب ترمق ابنها بنظراتِها، حتى حِيلَ بينها وبينه في هذا الزحام، والولد لا يقوى على مُجاهدة الناس، وهم يركضون، فلم يَعُدْ يرى أمه وأضاعها.
ولَمَّا أيقنت زينبُ أنَّها ميتة وابنها لم يَعُدْ لَها، قالت وهي مستسلمة لقدر الله: "يا رب، استودَعْتُكَ ابني هذا، فكن حفيظًا عليه"، وأُغْشِيَ عليها، ونُقِلَت إلى المستشفى، ولم تَمضِ ساعات حتى فارقت الحياة، أَمَّا أحمد، فقد حُمِلَ مباشرةً من السيارة جُثَّة هامدة.
كاد محمد ينفجر من البكاء وهو يَمشي بين الناس بخُطُواتٍ يظهر من خلالها أنَّه ما زال في بداية مشيه، ولم يلتفت إليه أحد وهم منشغلون بالحادث وقتلاه، حتى ظهرت أخيرًا امرأةٌ قد تجاوزت الثلاثين من عمرها، فلفت نظرَها هذا الولد، وعَلِمَت أنه ابنُ القتيلين، فحملته وسحبت زوجَها من هذا الزحام، وذهبا بسرعة من غير أن ينتبه إليهما أحد.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Admin
المديرالفني للمنتدى
المديرالفني للمنتدى
Admin


تاريخ التسجيل : 25/10/2010

قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم )   قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم ) Emptyالجمعة 27 يوليو 2012 - 8:35

قصة رائعة فعلا .......والنهاية الولد محمد سوف تتبناه عائلة جديدة أمريكية الأصل وسوف يتربى على دين أخر ألا وهو المسيحية او اليهودية

ولكن في ذات يوم وفي الكبر فتح القلادة فوجد بها كلمات يا محمد أنت مسلم ...فسأل ابويه اللذان ربياه ...فحكا له عن كل القصة من وقوع الحادث الى تربيته

سبحان الله ورحم الله أمه التي كانت فعلا أما صالحة وسهرت على تربيته وتعلميه مبادئ الإسلام في الفطرة
التي ساهمت في رجوع عقله وإنقاذه من الهلاك

الحمد لله على نعمة الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة رائعة بعنوان ( يامحمد انت مسلم )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مجموعة رائعة من كتب التاريخ و الاثار
» اغنية جزائرية رائعة عن غزو القراصنة المسلمين لمالطة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنوز ودفائن القدماء :: منتدى المرورث الحضاري :: روايات وحكايات وأساطير عن الكنوز والدفائن-
انتقل الى: