كنوز ودفائن القدماء
 علم الاثار المجتمع الفرنسي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  علم الاثار المجتمع الفرنسي 829894
ادارة المنتدي  علم الاثار المجتمع الفرنسي 103798
كنوز ودفائن القدماء
 علم الاثار المجتمع الفرنسي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  علم الاثار المجتمع الفرنسي 829894
ادارة المنتدي  علم الاثار المجتمع الفرنسي 103798
كنوز ودفائن القدماء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنوز ودفائن القدماء

الحضارات القديمة والتاريخ
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  علم الاثار المجتمع الفرنسي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر
Anonymous



 علم الاثار المجتمع الفرنسي Empty
مُساهمةموضوع: علم الاثار المجتمع الفرنسي    علم الاثار المجتمع الفرنسي Emptyالجمعة 16 نوفمبر 2012 - 19:19

المجتمع الفرنسي .

أنفق الكثير على البعثات العلمية التي سافرت إلى اليونان وقبرص وآسيا الصغرى وإفريقيا خاصة مصر وبلاد الحبشة . تأتي بعد ذلك البعثة الفرنسية التي أرسلها "لويسالثالث عشر ملك فرنسا إلى بلاد اليونان برئاسة العالم الفرنسي "لويس ديشاي "والتي ظلت تعمل حتى عصر لويس الرابع عشر ولعل أبرز الاسهامات الفرنسية في مجال الآثار تلك الرسومات التسجيلية النحت الجداري على معبد البارثنون وإن كان لم يبق منها غير بعض الكروكيات كما رسمت خرائط تسجيلية لمدينة أثينا .

في القرن السابع عشر الفرنسي الشهير "جاك سبون" (1647 ـ 1658 ) الذي كان مولعا باقتناء العاديات والمتاجرة فيها ، وقام برحلة كبرى إلى الشرق بمرافقة عالم إنجليزي يدعى "ويلر "سجلا خلالها ماشاهداه وجمعاه في رحلتهما إلى الشرق . وكان عنوان كتابه "رحلة إلى إيطاليا ودلماسيا واليونان والشرق " ويعزي إلى جاك سبون إنه صاحب الاصطلاح Archaeologie أركيولوجي "في كتابه مزيج من علوم الآثار ، والذي اقترح فيه تقسيم الدراسات القديمة إلى ثمانية أنواع وهي أول دراسة تصنيفية نوعية معروفة في التاريخ .

وجاء بعده الراهب " مونتوكون " صاحب كتاب العصور القديمة قدم فيه شرحا وصورا وهو اول مؤلف يجمع الحضارتين اليونانية والرومانية معا ويعتبر اللبنة الأولى في مجال علم الآثار الكلاسيكية .


الصراع بين الكنيسة وعلم الآثار المصرية :

شهد القرن التاسع عشر صراعا حامي الوسيط بين الكنيسة الأوروبية وعلماء الآثار المصرية كان الشغل الشاغل لأوروبا كلها ، وكان مبعث هذا الصراع خطأ وقعت فيه الكنيسة حيث ألبست الصراع العلمي ثوبا دينيا بأن جعل قساوسة الكنيسة منه عقيدة من يخرج عليها فهو كافر ومارق على الكنيسة ففي ذلك الوقت كانت الأبحاث العلمية في يد القساوسة يتحكمون فيها وكل ما يخرج عنهم حق يقيني لا يقبل الشك .

وكان موضوع الصراع بين القساوسة وعلم الآثار المصرية تحديدا أنه في كتب العهد القديم تسلسل للأجيال منذ آدم عليه السلام إلى نوح عليه السلام في الاصحاح الخامس من سفر التكوين واعتمد القساوسة على عدد السنين التي ذكرت في الاصحاح وعلى الرغم من وجود ثلاث نسخ من التوراة عبرية وسبعينية وسامرية إلا أنها اعتبرت مقدسة على الرغم من الاختلاف فيما بينها ، إذ في النسخة العبرية مجموع الأعمار من آدم إلى إبراهيم 2023 سنة وفي الثانية يبلغ مجموع هذه الأعمار 3389 سنة وفي السامرية 2324 أما المدة من إبراهيم إلى عيسى عليه السلام فهي 2200 سنة وطبقا لتقديرات الكنيسة فإن أقصى مدة لبدء الخليقة هي 5589 سنة وأصبح هذا التقدير مسلما به وعندما درس عالم فرنسي يدعى Derpuis عام 1793 البروج المصورة على المعابد المصرية استنتج أن عمر البروج المصرية يبلغ 13 أو 15 ألف سنة وأنه يلزم وقتا قبل ذلك حتى يمكن أن يخترع شعب مثل هذه البروج .

ثم جاء من بعده علماء الحملة الفرنسية ودرسوا هذه البروج واستنتجوا أن ترتيب الأبراج إنما يدل على زمن بناء المعبد ، فأبراج دندره تبدأ ببرج الأسد وبالتالي فإن معبد دندره يرجع على 4000 سنة بينما يبدأ ترتيب الأبراج فيه ببرج العذراء وبالتالي فإنه يرجع تاريخه إلى سبعة آلاف سنة .

وبمجرد أن تداولت الأوساط العلمية مانشره الفرنسيون مؤكدين أن من يرسم أبراجا بهذه الدقة يجب أن يكون صاحب حضارة واسعة تسبق السبعة آلاف سنة وهنا تبادر التساؤل هل كان رأي دبوي صادقا ؟ وهبت الكنيسة للدفاع عن حساباتها وتقويمها وأصدر علماء الكنيسة وقساوستها كتبا تقول أن هذه المعابد لا ترجع على أكثر من القرن الثالث قبل الميلاد لذا لم تذكر في التوراة .

وأمام الاهتمام المتزايد بهذه الأبراج استطاع " ليلورين "وأعوانه أن ينتزعوا أبراج معبد دندرة ووصلوا بها إلى فرنسا سالمة وأذاعوا لهل كثيرا في المجتمعات والصحف وفحصتها لجنة متخصصة لتحدد حقيقتها التي تأكدت فعلا وعقب نشر الفرنسيون مجلدهم " وصف مصر " فرغ القساوسة لدراسة النقوش والأسماء اليونانية على معبدي دندرة واسنا والتي ذكر فيها اسم هادريان وأنطونينوس بيوس وتيبيريوس وفي نفس الوقت كان شامبليون قد فك طلاسم اللغة المصرية واطلع على وصف المعابد موضوع النزاع وأثبت أن جزءا من معبد دندرة بنى في عهد كليوباترا وجزء آخر بنى في عصر أغسطس ، أما معبد اسنا فمن عصر الإمبراطور كومودوس وان هذه الأبراج ترجع للعصر الروماني وسقطت دعوى علماء المصريات وكسبت الكنيسة الجولة الأولى .

لكن سرعان ما فقدت الكنيسة حلاوة النصر على الرغم من الحملة الشرسة التي شنها روشيه الذي ألبس ثوب الحق بالباطل لما كان يتمتع به من ملكة رائعة في الكتابة فزعم أن التاريخ المصري من أوله إلى آخره ليس سوى تخليط في الأحداث التي تسودها التوراة فالملك منا الذي يذكره مانيتون السمنودي ليس سوى نوح وأن خلفاءه الثلاثمائة وثلاث وثلاثين ملكا ليسوا سوى أبناء نوح الثلاثة وأن الفرعون موريس الذي ذكره سترابون الذي أنشأ بحيرة موريس في الفيوم ليس سوى مصراييم حفيد نوح واستطاع أن يجرد مصر من تاريخها وحوله إلى التوراة والقصص الديني .

بيد أن شامبليون صاحب انتصار الكنيسة في الجولة الأولى هو نفسه الذي قاد انتصارعلم المصريات في الجولة الثانية فقد استطاع معرفة الخطين الديموطيقي والهيراطيقي وقرأ جميع الكتابات على المعابد وأوراق البردي بعد أن هادن الكنيسة التي ساورها القلق من أبحاثه وسافر إلى تورين قرأ كثيرا عن الكتابات المصرية خاصة ما يتعلق بسلسلة الملوك حكام مصر ثم انتقل إلى روما حيث تسابق إليه الباباوات ورجالات المجتمع وتحدثوا معه عن مصر والكتابات المصرية ، وهناك ألقى العديد من المحاضرات صارت معها مصر حديثا للناس تاريخا وآثارا ، وتنبه بعض القساوسة وحاولوا التصدي له مدعين أن هذا العلم يخالف التوراة ، لكن شامبليون استطاع أن يهادن البابا وأن يقنعه بان هذا الهجوم على شخصه دافعه حقد شخصي ، ثم رحل شامبليون إلى مصر وقابل إليها آنذاك : محمد علي " وطاف بآثارها وقرأ الكتابات والنقوش المدونة عليها ، وأيقن أن أمامه عدة براهين كل منها يهدم ادعاءات الكنيسة لكنه لم يعلن عن هذا بل أرسل خطابا لأخيه بهذا المعنى ، وتوفى شامبليون قبل أن يصدر كتابه عن مصر .

وجاء "إيمانويل دي روجيه" عام 1846 م . وقدم ترجمة لبردية محفوظة في برلين جعل عنوانها " قصص من أربعة آلاف سنة " وهاجمته الكنيسة ولكن إصراره ورده وتفنيده لادعاءات الكنيسة في نفس الوقت كان تيار الاهتمام بالمصريات قد ازداد في انجلترا حيث ظهر لي بيج رينون وفي ألمانيا ليبسيوس ثم عزز الحملة لي نورمان في فرنسا لم تجد الكنيسة بدا من الاعتراف بخطئها وعاد القساوسة إلى التوراة واعادوا بحث هذه الأرقام التي بنوا عليها نظرياتهم اعتمادا على سببين رئيسيين : أولهما ان اختلاف نسخ التوراة ينفي قدسيتها . وثانيهما أن ماجاء من أن النبي فلان قد انجب فلانا لا يعني يالضرورة أنه لا توجد بينهما أجيال بل المقصود أمنه من نسله فقط .

لذا فمن الخطأ أن تجمع هذه الأرقام لتنتج الزمن الذي انقضى من آدم إلى نوح ثم بين إبراهيم وعيسى لنصل في النهاية إلى الزمن المنقضي منذ بدء الخليقة فكان هذا التفسير الأخير للكنيسة تغيير في موقفها من علم المصريات أعلنت خطأها وهزيمتها أمام هذا العلم وانتهت المعركة الشرسة التي دامت زهاء المائة عام . ليبدأ علم المصريات عهدا من الحرية في الأبحاث وشيوعا واهتماما من الناس يزداد كل يوم ليبهر الناس بسحره وغموضه .

فروع علم الآثار والعلوم المساعدة له والاصطلاحات الدالة عليها:

يخضع لدراسة علم الآثار كل ما أبدعه عقل الإنسان ونفذته يداه ، سواء بالقول أو العمل ، فدراسة كل ما خلفه إنسان ما في مكان ملهو في الواقع قراءة في حضارة هذا الإنسان ومقدار الرقي الذي حققه عبر مراحل تلك الحضارة وينسحب هذا على منازله ودور العبادة والمقابر وشتى الأدوات والآلات والوسائل التي استخدمها منذ مولده حتى يواري الثرى . وسائر الفنون التي أبدعها ليحقق بها زخرف العيش ويستمتع بحياته أو ليصل بها إلى الحياة الآخرة .

أولاً : فروع علم الآثار :-

ومع تطور علم الآثار وتطور التقنيات الحديثة وبهدف الوصول لأدق النتائج في هذا العلم ، تشعبت مجالات الدراسة وصار لكل مجال فيها متخصصون ومنها العمارة بكل أنواعها الدينية والجنازية والمدنية . ومنها الفنون المختلفة من نحت وتصوير وزخرفة . كما يندرج أيضا النظام النقدي من عملة ومسكوكات في هذه المجالات .

علم العمارة Architecture :

يشمل هذا المجال دراسة تطور العمارة التي شيدها الإنسان او نحتها في الصخر سواء لإستخدامها في حياته او بعد مماته .

علم الطبوغرافية Topography :

يهتم هذا العلم بدراسة وضعية وتوزيع و أسماء السكان من الناحية اللغوية والتاريخية ,والدراسات المعملية للمباني بكافة طرزها وأنواعها المدني منها أو الديني أو الحربي,ودراسة كافة مخططات المدن وتطورها كما يهتم هذا العلم بدراسة جميع المشكلات السكانية في العالم القديم.

علم دراسة فن الرسم Fresco-Painting :

يدرس هذا العلم فنون الرسم والتصوير القديمة على الجدران الملونة من حيث الطرز والتقنيات ومراحل التطور والموضوعات المصورة وغيرها من الموضوعات التي تسهم في إلقاء الضوء على مراحل تطور تاريخ هذا الفن في حضارة بعينها والثقافات المؤثرة فيه


علم دراسة فن النحت Sculpture :

يدرس هذا العلم فن تشكيل المواد الصلبة مثل الخشب والعظم والعاج والأحجار والصخور بل والمعادن مثل البرنز ........إلخ .من حيث التقنية والموضوعات والطرز وأساليب الصياغة وغيرها من الموضوعات ويشمل هذا العلم النحت المستدير والنحت الجاري بطرازيه الغائر والبارز المستخدم في تزيين المباني المعمارية بكافة أنواعها .

علم دراسة الفن التشكيلي Plastic Art :

يهتم هذا العلم بدراسة المواد سهلة التشكيل مثل الشمع والفخار والطين بتقنية واحدة وهي تشكيل المادة دونما استخدام قوالب ، أما استخدام القوالب في التشكيل فيدخل في نطاق فن النحت .

علم دراسة النحت على الأحجار الكريمة Glyptic Art:

يهتم هذا العلم بدراسة فن النحت علي الأحجار الكريمة بإستخدام النحت الغائر أو البارز وتلك الأحجار تعرف اصطلاحا بالفصوص Gems & Cameos وهي غالبا ما تحمل موضوعات متميزة لطبيعة مستخدمي الفصوص من الملوك والأباطرة والنبلاء وأفراد الطبقات العليا .

علم دراسة الاختام Sigillography : 

يدرس هذا العلم الاختام الرسمية أو التجارية بموادها المختلفة سواء من الفخار أو الأحجار أو المعادن والموضوعات والنقوش المسجلة عليها سواء بالنحت أو النقش.

علم دراسة المسكوكات Numismatics :

يدرس هذا العلم النقود القديمة والنظام النقدي وكافة الجوانب الاقتصادية الخاصة بالعملة كما يدرس الموضوعات المصورة على العملة والرموز والصور الشخصية وغيرها من الموضوعات التي تصور على العملة كما يدرس النظام النقدي الخاص بكل حضارة والمعادن المستخدمة في السك ودور السك والاصدارات المختلفة وغيرها من الجوانب التي تلقى الضوء على الحياة الاقتصادية النقدية .

علم دراسة النقوش Epigraphy

يدرس هذا العلم النصوص القديمة المنقوشة والمدونة على مواد صلبة من أحجار ومعادن ، وكذلك الكتابات المدونة على اللخافات الفخارية المعروفة اصطلاحا ostraca .كما يدرس طرز وتطور الأبجديات وأنماط الحروف وتطور الأبجدية زيادة أو نقصانا .

علم دراسة أوراق البردي Papyrology:

يدرس هذا العلم النصوص المدونة على أوراق البردي التي يعثر عليها منفردة أو تكسو المومياوات ، وهذا العلم يعتمد على غزارة المادة الأثرية التي عثر عليها في مصر من العصر الفرعوني والعصرين اليوناني والروماني وغالبا ماتسجل معلومات هامة تلقي الضوء على مختلف جوانب الحضارة المصرية الاجتماعية والاقتصادية .

علم قراءة الكتابات القديمة Paleography :

يدرس هذا العلم حل رموز الكتابات القديمة وأفضل تطبيق لمجال هذه الدراسات هو صكوك القرون الوسطى .


علم دراسة الموازين والمقاييس MetroLogy:

يدرس هذا العلم الأوزان والموازين والمعايير والمكاييل والمقاييس القديمة وتطورها وقيمها ومقارنتها وكافة وسائل القياس القديمة ،ويدخل في نطاقه دراسة علامات الطرق القديمة Mile Stones والمحطات التجارية Mile Stations . وهكذا فإن وسائل القياس وأدواته في العالم القديم هي مادة دراسة هذا العلم من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية . فضلا عن الدراسات الفنية والمعمارية لما كانت عليه المحطات التجارية وعلامات الطرق .

ثانياً : علوم مساعدة لعلم الآثار :-

هناك علوم مساعدة لعلم الآثار لها دور فعال في مجال دراسة الإنسان وحضارته ،منها علوم إنسانية ومنها علوم تطبيقية معملية وتتعاون هذه العلوم مع علم الآثار من أجل الحصول على معلومات وافية عن الإنسان وحضاراته في شتى بقاع الأرض.

ويأتي في مقدمة هذه العلوم علم دراسة الإنسان " الأنثروبولوجي Anthroplogy" ولعل أفضل تعريف لهذا العلم ما كتبته الباحثة الأمريكية مارجريت ميد M.Medوتقول: "نحن نصف الخصائص الإنسانية البيولوجية والثقافية للنوع البشري عبر الزمان وفي سائر الأماكن ، ونصف ونحلل الصفات البيولوجية والثقافية المحلية كأنساق مترابطة ومتغيرة ، وذلك عن طريق نماذج ومقاييس ومناهج متطورة ،كما نهتم بوصف وتحليل النظم الاجتماعية والتكنولوجية ونعني أيضا ببحث الإدراك العقلي للإنسان وابتكاره ومعتقداته ووسائل اتصاله".

يكشف هذا المفهوم الأمريكي لمجالات الأنثروبولوجيا والتي تعني من وجهة نظرهم دراسة النواحي البيولوجية والثقافية على حد سواء ويستخدم الأمريكيون مصطلح الأنثروبولوجيا العضوية Biological Anthropology للإشارة إلى دراسة الجانب العضوي أو الحيوي للإنسان ، بينما يستخدمون مصطلح الأنثروبولوجيا الثقافية Cultural Anthropology للتعبير عن دراسة النواحي الاجتماعية والثقافية للإنسان ويدخل في نطاقها كل ما يتعلق بحضارات الإنسان القديم وهو ميدان علم الآثار ، لذا كان علم الآثار في مضمونه هو جزء من الأنثروبولوجيا الثقافية كما يندرج علم دراسة اللغات القديمة philologyفي النطاق نفسه.

ويدخل في إطار علم الأنثروبولوجيا الثقافية - وفق المفهوم الأمريكي – مجالان دراسيان على نفس الدرجة من الأهمية وهما الأثنوجرافي Ethnography ويعني دراسة وصفية للأنماط الحياتية والعادات والتقاليد والقيم الدينية والفنون لجماعة أو شعب معين خلال حقبة زمنية محددة، والأثنولوجي Ethnology وهو المجال الذي يهتم بالدراسة التحليلية والاستنباطية لسائر مواد الدراسة الأثنوجرافية.

بينما يختلف المفهوم الأوروبي لعلم الأنثروبولوجي ومجالاته عن المفهوم الأمريكي إذ يقتصر المفهوم الأوروبي على أن علم الأنثروبولوجي يطلق على مجالات التاريخ الطبيعي للإنسان والسلالات البشرية جنساً ونوعاً وخصائص تشريحية وعمليات بيولوجية وعلاقة هذا بتحديد الوظائف والأدوار الاجتماعية لكل نوع.

وإزاء تلك التعقيدات لمفهوم علم الأنثروبولوجيا انحصر معناه تدريجيا ليقتصر مفهومه على علم دراسة الأعراق البشرية من الناحية الطبيعية وهو ما يتمشى مع المفهوم الأوروبي وعلى الرغم من هذا فإنه يمكن الاستفادة من علم الأنثروبولوجي في مجال علم الآثار من خلال الهياكل العظيمة البشرية والتعرف على السلالات البشرية أو الأعراق صاحبة المكتشفات الأثرية . كما يمكن تحديد جنس وعمر وحالة صاحب الهيكل العظمي من خلال الدراسة الأنثروبولوجية .

العلوم التطبيقية :

على الرغم من أن علم الآثار من العلوم الإنسانية إلا أنه يحتاج لكثير من العلوم التطبيقية مثل الكيمياء والهندسة والطبيعة والجغرافيا والجيولوجيا وغيرها من العلوم التطبيقية ، فعلى سبيل المثال يعتمد علم الآثار على الكيمياء في تحليل الكربون المشع (كربون 14 )لتقدير العمر الزمني لمكتشفات بعينها كما سنوضح بالتفصيل فيما بعد كما تستخدم الهندسة في الرسم المعماري للمباني المكتشفة لتسجيلها ونشرها بينما تستخدم الفيزياء في مجالات المسح الجيوفيزيقي لتربة بعينها في ظروف خاصة قبل إجراء عملية التنقيب وأثناءها بينما تستخدم المساحة قبل وأثناء عملية التنقيب كما سنوضح بالتفصيل .

ولعل انتشار الإنسان وتعدد حضاراته واختلاف ثقافاته زمنيا ومكانيا أدى إلى نشأة علوم لآثار تبحث في مظاهر كل حضارة على حدي نظراً لأن كثافة الآثار التي خلفتها الحضارات المختلفة ليس هي نفسها في كل مكان بل إنها تتوقف على المكان والشعب الذي سكنه حيث تختلف إسهامات كل شعب عن بقية الشعوب في التطور البشري والرقي الحضاري .

علم الآثار الغارقة والتنقيب تحت الماء :

إذا كان هدف علم الآثار هو كشف المسار الحضاري للإنسان عبر العصور من خلال الكشف عن مخلفات الإنسان إلا أن المعنى الحقيقي لعلم الآثار يتمثل في تعريف عالم الآثار "سير ليونارد وولى"الذي يقول فيه " إن عالم الآثار ببحثه عن كل ما هو إنساني يتمتع باكتشاف كل ما هو نادر وجميل ، وزيادة على ذلك فهو يريد أن يعرف كل شيء عنها وعلى كل فهو يفضل تحصيل المعلومات عن المقتنيات أكثر من المقتنيات في حد ذاتها ، إن الحفر بالنسبة له يعني الملاحظة والتسجيل والتفسير" .

ان هذا الهدف والتطور الذي شهده علم الآثار في مجال التنقيب من تقنيات وأهداف ووسائل وقواعد وقوانين يندرج أيضا على علم الآثار الغارقة ، فمجال العمل تحت المياه يعني أيضا الملاحظة والتسجيل والتفسيرمع التباين الواضح في ظروف العمل فبدلاً من الشمس المحرقة يوجد ضغط المياه الذي يتزايد في الأعماق البعيدة وقد تشاركه أسماك القرش والباراكودا وغيرها من الوحوش البحرية مجال عمله وبدلا من الرمال والأحجار يتعامل مع الأصداف والقواقع البحرية والشعاب المرجانية والأحجار المتصلبة والأسماك وغيرها من مظاهر البيئة البحرية .

ويجب أيضا عليه أن يلتزم بالقواعد العامة التي يلتزم بها المنقب في مجال الحفائر الأرضية من نظام العمل ودقة الملاحظات والتسجيل بكافة الوسائل من وصف وتصوير ورسم خاصة تلك القطع التي توجد في مجال تيارات بحرية أو في البحار المفتوحة أو التي يتحتم انتشالها ويجب علينا ألا نغفل المخاطر التي يتعرض لها الأثري الغطاس تحت الأعماق وكيف لأن حياته بأسرها تتوقف على مصدر الأكسجين الذي يتنفس منه تحت الماء .

أنواع الآثار الغارقة :

يمكن تقسيم الآثار الغارقة إلى نوعين أساسيين طبقا لموقع الأثر ونوع الأثر ذاته ، النوع الأول هو الآثار الثابتة وتشمل المناطق الساحلية والجزر ، أما النوع الثاني فهو الآثار المنقولة ويشمل السفن وما عليها من منقولات .

أولاً الآثار الثابتة :-

يشمل هذا النوع المدن الغارقة والجزر والمناطق الساحلية المهجورة التي طغى عليها البحر وآبار القربان المدن الغارقة وسواحل البحر المتوسط من أغنى السواحل التي تعرضت لتغيرات من طغيان البحر وانحساره مما أدى إلى اختفاء مدن بأكملها تحت مياهه مثل مدينة كانوب ومينوثيس وهراكليوم شرق الإسكندرية ومدينة قيسارية بفلسطين وغيرها من المدن التي كانت منتشرة على سواحل البحر المتوسط مثل ليوكاثبيس بين الإسكندرية وبرايتونيوم( مرسى مطروح حالياً). كما قد يكون الطوفان سبباً في اختفاء مدن بأكملها مثل مدينة "سادوم" ومدينة "عمورة" اللتان ورد ذكرها في الإنجيل ويعتقد البعض أن الأرض قد مادت بهما وغمرتهما مياه البحر الميت ،وهناك أيضاً مدينة Ys التي تقع بالقرب من السواحل البريطانية ، وقارة أتلانتيس الأسطورية التي ورد ذكرها في الأساطير اليونانية والتي غمرتها مياه البحر وظل اكتشافها حلماً يراود الإنسان منذ عصر أفلاطون وحتى اليوم.

يعتبر النوع الثاني من الآثار الثابتة هو المناطق الساحلية التي هجرت ثم غمرتها مياه البحار من أهم أنواع الآثار الغارقة ، ففي بعض الأجزاء يتراجع البحر يكشف ما كان يغمره ثم لا يلبث أن يسترد ما فقده في موقع فيطغى بقوة ويغمر أجزاء أخرى وتعتبر المناطق الساحلية التي يغرق جزء منها مثار اهتمام الأثريين لسهولة العمل بها عن المدن أو الجزر التي تختفي بالكامل.

وقداستطاع الأثريون اليوم تحديد موقع ثلاث مدن تقع إلى الشرق من مدينة الإسكندرية وهي مدن كانوب وهيراكلينيوم ومينوثيس وجميعها تقع حالياً في أعماق خليج أبي قير ، وفي نفس الوقت كان الأثريين قد تمكنوا من تحديد موقع الحي الملكي وجزيرة أنتيرودس في الميناء الشرقي بالإسكندرية ولا زال هناك العديد من المدن الواقعة بين الإسكندرية وبرايتونيوم( مرسى مطروح حالياً) لم يتحدد موقعها على وجه الدقة لكنها لا تزال تقبع في قاع مياه الساحل الشمالي غربي الإسكندرية.

هناك نوع آخر من الآثار الثابتة الغارقة وهو آبار الأضاحي والقرابين ، وتختلف نوعية الاثار الملقاة في تلك الآبار طبقاً لاختلاف المعتقدات التي يدين بها شعب ما ، فلا زال حتى يومنا هذا من يلقي بالعملات المعدنية في النافورات والآبار لجلب الحظ السعيد، لكن هناك مثلاً قبائل المايا التي تلقي بأضاحي وقرابين للآلهة في الآبار مع قرابين ذهبية ، وقد استطاع "أ.هـ طومسون" أن يعثر على أدوات معدنية ثمينة في أعماق بئر القرابين في ندينة تشيتشان أتنزا بالمكسيك.

ثانيا الآثار المنقولة :

لما كانت السفن والمراكب هي وسيلة النقل والانتقال الوحيدة المعروفة لعبور البحار فإن السفن التي كانت تحمل السلع التجارية بين العالم القديم ، وكان الإبحار نوع من المغامرة المحفوفة بالمخاطر فإذا ما هبت عليها الأنواء وعصفت يكون مصيرها أعماق البحر بما تحمل وتعتبر بقايا هذه السفن وحمولاتها أهم ما يستثير علماء الآثار كما قد تكون الحروب البحرية أيضاً سبباً مباشراً في غرق السفن بما تحمل ولعل الحروب والمواقع البحرية اليونانية ضد الفرس أحد أشهر هذه الحروب كما لا يغيب عنا موقعة أبي قير البحرية التي جرت بين الإنجليز والفرنسيين في خليج أبي قير وكانت السفن الحربية الفرنسية تحمل إلى جانب المدافع كميات كبيرة من الآثار المصرية كانت في طريقها إلى فرنسا قبل أن يهجم أسطول نلسون على الأسطول الفرنسي.

كان البحر المتوسط يعج بالسفن في العصرين اليوناني والروماني وكانت تلك السفن غالباً ما يكون مصيرها قاع البحر إما لتهالكها أو لتصادمها أو لغدر البحر ، لذا فإن قاع البحر المتوسط يزخر بالعديد من الآثار وحطام السفن مما دعا أحد الأثريين الفرنسيين في بدايات هذا القرن لقول مأثور ينم عن ثراء البحر بالآثار" لا زالت أغنى المتاحف الأثرية في العالم بعيدة المنال ؛لأنها تكمن في قاع شرق البحر المتوسط ومع إننا قادرون على اكتشاف الأرض والهواء بدون صعوبة تذكر إلا أننا أبعد ما نكون عن منافسة الأسماك في الماء وبينما نحن في انتظار هذا اليوم الذي يسمح لنا فيه تطور العلم بأن ندلي بدلونا في هذه الاكتشافات " بيد أن هذا القول صار أملاً من الماضي تحقق الكثير منه بعد التطور السريع الذي شهده علم الآثار الغارقة في الآونة الأخيرة وتزايد الاهتمام به على المستويين الرسمي والأكاديمي فبدأ العقد الماسي الذي كان يتحلى به البحر في الانفراط وأخذ الأثريون يجمعون منه الحبة وراء الحبة

. كيف نشأ علم الآثار الغارقة ؟ صيادو أنتيكثيرياAntikthera :

بينما كانت هناك سفينتان يونانيتان في طريق عودتهما من الساحل التونسي محملتان بصيد الإسفنج في بدايات القرن العشرين هبت عاصفة بحرية شديدة الأنواء على شرقي البحر المتوسط واضطرت السفينتان إلى اللجوء إلى مكان آمن ، وكان أن استقرتا عند مرفا هادئ عند نهاية الأرخبيل اليوناني على مبعدة خمسة وسبعين قدما من الساحل ولما طال أمد العاصفة طرأت فكرة اقتصادية على كابتن إحدى السفينتين يدعى ديمتريوس كوندوس وهي البحث عن الإسفنج حتى تنقشع العاصفة وهبط أول غواصوه في بقعة من المياه الصافية وكانت المفاجأة أن رأى تحت الماء تماثيل لرجال ونساء وليصدقه الآخرون جذب ذراع تمثال من البرنز وصعد إلى أعلى السطح ليقص روايته ويقدم الدليل وهنا نزل كوندوس إلى الموقع وقام بتسجيل مقاسات التماثيل وحدد موقعها بدقة وغادرت السفينة بعد أن تأكد لهم صعوبة انتشال ونقل التماثيل.

وبمجرد أن نقل كوندوس روايته لأثينا جهزت سفينة من سفن الأسطول اليوناني وانطلقت إلى موقع انتيكثيريا حيث ترقد الآثار واستمر عمل البعثة لمدة تسعة شهور في ظروف مناخية وأمنية صعبة حتى أن أحد الغواصين قد توفى أثناء العمل كما أصيب آخران إصابات بالغة رغم هذا كله فقد أمكن للبعثة أن تنتشل رأس تمثال من البرنز وتمثالين من الرخام وبعض القطع الصغيرة. وتعتبر هذه البعثة غير المؤهلة هي اللبنة الأولى الحقيقية في نشأة علم الآثار الغارقة، رغم ما تفتقر إليه من المنهج العلمي في التسجيل والتوثيق وغيره من القواعد التي تتبع في مجال الحفائر الأرضية.

بعثة ميرلين واستكشاف الساحل التونسي :

ثاني الاكتشافات الأثرية الغارقة بالقرب من مدينة المهدية التونسية التي تأسست على يد الفينيقيين وكانت ميناء هام استقرت به سفن الإغريق والرومان، وكانت الصدفة أيضاً وراء هذا الاكتشاف إذ بينما كان صيادو الإسفنج يغوصون على مبعدة ثلاثة أميال من الشاطئ فى عمق لا يزيد عن عشرين قدما أدركوا أعمدة رخامية وتماثيل رخامية وهموا بانتشال ما أمكنهم منها وباعوه لتجار العاديات لكنها تجارة بائرة تغل من المال لكنها تهدر الحضارة وتدمر التراث فمن وجهة نظر الأثريين أن الآثار لا تقدر بمال بل هي الثروة التي لا تبلى وواقع الأمر أن الاتجار في الآثار هو المصيبة الحقيقية التي تصيب علم الآثار ولعل هذا ما دفع عالم آثار فرنسي يدعى "الفريد ميرلين" كان يتجول في تونس ووجد العديد من القطع الأثرية اليونانية تباع لدى التجار على الأرصفة بأسعار زهيدة فسألهم، وعرف مصدرها وبدأ على الفور في حماية ما تبقى من هذه الآثار للكشف عنها بالطرق العلمية الدقيقة والصحيحة وأعلن للغواصين اليونانيين أن تلك الآثار ملك للحكومة التونسية وأنه لن يسمح بنهبها بعد الآن.

استطاع ميرلين أن يقود حملة بجمع التبرعات من أثرياء أمريكا وفرنسا ومن الحكومة التونسية لتغطية تكاليف بعثة أثرية علمية لانتشار تلك الآثار، واستطاع ميرلين أن يحدد موقع سفينة رومانية غارقة بكامل حمولتها من التماثيل التي يبدو أنها كانت منهوبة لصالح روما وأن الحمولة الثقيلة وحادث كانا وراء غرقها معتدلة دون أن تنقلب وتعتبر بعثة ميرلين في المهدية التونسية حجر الزاوية في تاريخ الاكتشافات الأثرية وعلم الآثار الغارقة في القرن العشرين ، رغم تلك الصعوبات التي واجهته من أنواء وعواصف وارتفاع التكاليف والمخاطر التي تواجه الغطاسين وتعتبر هذه المجموعة المنتشلة من المهدية هي قوام متحف "باردو" في تونس والتي قال عنها "ريناك" لم يحدث أن توصلنا إلى شئ يمكن مقارنته بهذه الآثار منذ أن اكتشفنا بومبيي وهيراكلينيوم".

بعثة كارو في كاب أرتميشن :

لم تكن الصدفة وراء اكتشاف المهدية فقط بل تكرر الأمر مع صياد يوناني كان يصطاد سمك في منطقة "كاب أرتميشن" عام 1925وكان أن ألقى بشبكته وعندما هم بلمها وقعت أغرب مصادفة في حياته ألجمته وأرعبته حتى أنه تمتم بصلواته على روح ما في شبكته إذ توهم للوهلة الأولى أنه اصطاد جثة متفحمة بيد أنها تمثال من البرنز مغطى بطبقة كثيفة من الأعشاب والطحالب البحرية، وسلم التمثال للمسؤولين الذين أجزلوا له العطاء وأخذوا التمثال إلى متحف أثينا، وهو تمثال "أثينا إيفيبي" المعروض حالياً بالمتحف ورغم أن الحكومة اليونانية أجزلت العطاء للصياد إلا أن هذه السياسة نبهت الصيادين إلى قيمة تلك التماثيل فجابوا منطقة"كاب أرتميشن" والمياه المحيطة بجزيرة يوبويا وباعوا غنائمهم لتجار العاديات بسعر أعلى ومن هنا عرفوا قيمة ما كانوا يعثرون عليه بيد أن الحكومة اليونانية تدخلت بالقوة للحفاظ على التراث الموجود تحت الماء وشكلت بعثة برئاسة "جورج كارو"من معهد الآثار الألماني بأثينا وقد تمكنت تلك البعثة وفي ظروف عصيبة أن تكتشف تمثال زيوس كبير آلهة الأولمب المصنوع من البرنز وهو أروع الأعمال البرنزية التي عثر عليها حتى الآن هذا بالإضافة إلى تمثال لفارس صغير يمتطي جواداً.

جماعة أبحاث ما تحت البحر :

بعد أن توقفت أعمال الاستكشاف في المهدية منذ الحرب العالمية الأولى إلى أن بدأ العلم البحري الفرنسي الشهير "جاك إيف كوستو" مؤسس جماعة أبحاث ما تحت البحر بالاشتراك مع فيليب تاييه وفردريك دوماس بالغوص في شمال إفريقيا بالقرب من مدينة قرطاجنة القديمة ،وسمعوا بما قام به ميرلين قبل أربعين عاماً واتصلوا به وعرضوا عليه استئناف النشاط بيد أنه كان قد بلغت من الشيخوخة فاعتذر وتمنى لهم الحظ ولم يستطيعوا أن يحددوا الموقع واستمرت عملية البحث الدقيق في أعماق البحر المتوسط خمسة أيام دون جدوى إلى أن استطاع أحد الغواصين تحديد موقع عامود تحت الماء وكان ذلك بمثابة إعادة اكتشاف السفينة.

لم تعد المشكلات التي كانت تواجه ميرلين من تقنيات وأنواء وتيارات بحرية معاكسة وغيرها من مشكلات مدة الغوص والإضاءة تزعج علماء الآثار الغارقة بعد التطور الذي شهدته التقنيات توفير أكسجين ورئة مائية حتى أمكن في ذلك الوقت للغواص أن يبقى تحت الماء مدة تزيد عن ربع الساعة وهي التي كانت في حدود الخمس دقائق قبل أربعين عاماً ،وتعتبر بعثة "كوستو" في المهدية هي النقلة الثالثة في تاريخ علم الآثار الغارقة لأنها المرة الأولى التي تستخدم فيها الرئة المائية في أعمال الكشف الأثري.

استخدام مضخة في التنقيب تحت الماء :

كانت سفينة شحن يونانية قديمة قد غرقت بكامل حمولتها من الأمفورات المليئة بالخمر اليوناني بالقرب من "جران كونجلوية "بفرنسا وكانت الصدفة وصيادوا الإسفنج وراء اكتشاف حطام هذه السفينة عندما كان غواص فرنسي يغوص عند منحنى حجري طبيعي على عمق مائة قدم ،بعيداً عن اللسان الغربي لجزيرة "جران كونجلوية" فوجد كمية كبيرة من الجرار القديمة تبرز من بين الطين في القاع وأصيب الغواص ونقل قصته إلى جماعة البحث عن الآثار تحت الماء" وجهز كوستو سفينة "كاليبسو" واتجهوا إلى جران كونجلويه في أغسطس 1952ورافق السفينة مدير متحف الآثار بمرسليا واستقرت السفينة على مسافة عشرة أميال من الشاطئ

وتحقق كوستو من رواية الغواص واستطاع أن يلتقط عددا من الأواني الفخارية وهي عبارة عن أواني شراب صنعت في إيطاليا خلال القرنين الثالث والرابع قبل الميلاد، واستطاع غواصو الكاليبسو انتشال العديد من الأواني والجرات ثم واجهتهم صعوبة انتشال الجرات التي طمر معظمها في طين القاع لأنها كانت تنكسر إذا ما حاولوا نزعها أو جذبها ، ولأول مرة استخدم المنقبون مضخة شفط كبيرة مثبته على سارية خشبية ثبتت بدورها على الجزيرة وكان الهواء المضغوط يشفط الطين المتجمد بالإضافة إلى الجرات وكسر الفخار وينقلها إلى السطح حيث تفصل الجرار عن الطين ومياه البحر بواسطة شبكة كبيرة بسرعة 12جالون في الدقيقة بينما يقوم عالمان أثريان بفحص ما ترفعه المضخة من منقولات وبقايا أثرية ثمينة.

صادفت بعثة الكاليبسو صعوبات عديدة واجهتها البعثات السابقة فقد كان عدد الأثريين قليلاً وعدد الغطاسين قليلاً أيضاً ورغم الخبرة التي اكتسبها كوستو ورفاقة إلا أنه لم يكن أكاديمياً لذا كان لعدم درايتهم الأكاديمية بأهمية ما ينتشلون فقد كان الإهمال قد يدمر أثراً هاماً لعدم درايتهم بتلك الأهمية ، وكان عدم وجود الأثري المتخصص بين الغواصيين في الماء سبباً وراء تلك السلبيات ، وكان استخدام المضخة رغم سرعته في إنجاز العمل إلا أنه كانت له سلبيات منها تهشم الكثير من الجرات والأواني وربما كانت وفرة أعداد الأواني والأمفورات الغارقة هي العزاء الوحيد لتلك السلبية لكن يبقى أن تلك هي المرة الأولى التي تستخدم فيها المضخة في أعمال التنقيب تحت الماء.

استخدام الدوائر التليفزيونية في توجيه الغواصين :

للتغلب على الصعوبات التي واجهت الكاليبسو خاصة في عدم دراية الغواصين بأهمية الآثار التي ينتشلونها وافقت شركة "طوسن هستون الإلكترونية" على إعارة كاميرات تليفزيونية وكابلات وخبراء فنيون وصممت عدسة ذات زوايا رؤية متسعة وقمرة بمكبر صوت وبها مكيروفون يتصل بغرفة المتابعة على ظهر السفينة كاليبسو ليتمكن علماء الآثار من متابعة ما يحدث في الأعماق وتوجيه الغواصين وقد نجحت التجربة الأولى لهذه الكاميرا في متابعة الحفر على عمق
65 قدماً.

الزورق المجهز لحفائر تحت الماء:

كانت مدينة "بورت رويال" ملاذاً للقراصنة ومخبأ لكنوز الهنود الغربيين وسوق مستمرة تجد بها كل البضائع المنتقاة المستوردة على الدوام ، وبلغ بأهلها الفجور ونمت أموالهم من الكسب الحرام حتى أنها وصفت وأهلها بأنهم أكثر الشعوب دعارة وفجورا وبعداً عن الله وتقع المدينة على لسان من الأرض في البحر الكاريبي وأراد الله أن يحيق بها دماراً جزاءا بما فعل أهلها وكان أن مادت بها الأرض وزلزلت زلزالها الأقوى وانقسمت المدينة بالأخاديد المخيفة واختفى ثلثي المدينة ومات ما يزيد عن ألفي شخص من سكانها وغاص معظم المدينة في البحر.

كانت المدينة حلما يراود الأثريين فالمدينة تقبع في الأعمال وتزخر بذهبها وأموالها وثرواتها ولكن لم يحاول أحد من الأثريين أن يذهب إلى هناك حتى عام 1956 عندما ذهب مستكشف ومخترع وغواص أمريكي يدعى"إدوين أ.لينك" في قاربه ليستكشف المدينة الغارقة وكان في مخيلته أنه يمكنه رؤية المدينة من خلال الماء الصافي الذي تشتهر به سواحل جامايكا لكنه صدم للظلام التام الذي يحيق بالقاع بسبب تيارات الجداول الجبلية في موقع بورت رويال التي حملت أطناناً من الطمي إلى الميناء فتراكمت عليها الرواسب الطينية. حاول لينك أن يطهر بعض المساحات من القاع بحفر عمق ياردتين ووصل لحصن جيمس لكنه تبين أن أدواته لا تصلح لتلك العملية وأنه من المستحيل رفع أي شئ من أنقاض المدينة من الأعماق وحدد احتياجاته قبل أن يرحل ليعود من جديد بعد إعداد التجهيزات اللازمة.

صمم لينك أول مركب للبحث خصيصاً عن آثار تحت الماء صنعه من المعدن باطنه من الزجاج المصفح ويبلغ طوله 91 قدماً له سواري وقوائم وأوناش كهربائية لرفع الأشياء الثقيلة من الأعماق وزود القارب الرادار وآلات سماع صدى الصوت وكل ما توصل إليه العلم من آلات وأدوات الاستكشاف وجهز حجرة خاصة للغوص ومخزناً للرئات المائية وأقنعة الوجه والزعانف كما جهز أيضاً لنش غواص للشعب المرجانية والصخرية زوده بأجهزة يدوية لتحديد الموقع بارتجاع صدى الصوت.

وتعتبر تلك هي المحاولة الأولى في تاريخ علم الآثار الغارقة لإجراء مسح أثري تحت الماء باستخدام أجهزة الموجات فوق الصوتية حيث قام بحار شهير بمساعدة لينك في المسح الأثري وكانت المناطق الضحلة تعنى المباني بينما المناطق العميقة يكون رجع الصدى فيها بطيئاً واستطاع لينك أن يرسم خريطة للمدينة في محاولة ناجحة لاستخدام العلم الحديث في خدمة الآثار الغارقة. كما استخدم لينك جهاز الكشف عن المعادن عن بعد ويعتبر هذا الكشاف المعدني أحد أهم التطورات التي شهده علم آثار تحت الماء والذي حقق نتائج باهرة جعلته من الأدوات التي لا يمكن أن يستغني علم آثار تحت الماء.

كما استخدم لينك مصعد هوائي بحيث يستخدم ضغط الهواء في الكشف عن الآثار ولكنه كان يثير زوابع من الطمي ويعكر الماء ويمنع الرؤية واستطاع لينك التغلب على تلك المشكلة بإنزال غواصين يتحسسون مواضع الآثار قبل أن يعمل المصعد الهوائي. كما يعزى لينك الفضل في ملاحظة التغيرات التي تلحق بالآثار وتدمرها إذ استخرجت فجأة الماء حيث تتفتت بعض المواد لذا كان يضعها في ماء من نفس البيئة التي استخرجت منها وأصبح ذلك قاعدة تتبع في كافة أعمال انتشال الآثار الغارقة.

مدن تتنفس تحت الماء :

تطور علم الآثار تحت الماء تطوراً سريعاً في العشرين عاماً الماضية رغم أنه لا يزال علم وليد بالمقارنة مع علم الآثار الأرضية فلا زال هناك العديد من المدن الغارقة تنتظر من يكشف عنها أو يستكملوا ما سبق وكشفوا بعضاً منه مثل بورت رويال والمهدية وغيرها.

هناك مدن نسمع عنها أنها غرقت بالكامل تحت مياه البحار مثل مدينة Ys "إس" على ساحل بريتاني بفرنسا والتي حيكت حولها أساطير جعل منها لغزاً باهراً والتي يرجع تاريخها للعصر الروماني إذ توجد خريطة يرجع تاريخها للقرن الرابع الميلادي تظهر فيها مدينة إس على حافة البحر في خليج الدونارنيز ويحتمل أن المدينة تعرضت لفيضان مدمر عام
395 أو فيضان عام 441 المدمر ، ولما كان الساحل البريتاني عميقاً لذا فيتعذر حالياً الكشف عن هذه المدينة.

هناك أيضاً مدينة "هلايك" والمعروفة باسم "بومبيي الغارقة" وهي مدينة يونانية ورد ذكرها في الإلياذة وقد حاق بها دمار مفاجئ عندما ضربها زلزال قوي وغمرها فيضان شديد مدمر عام 369 قبل الميلاد، إذ يحدثنا بوذانياس عن تلك الكارثة قائلاً : في بادئ الأمر اهتزت الأرض بالمدينة حتى الأعماق بواسطة زلزال وحينئذ انشقت فجأة وانهار كل شئ بنى عليها. ساقطاً في الأعماق ولم يبق لها أثر بعد ذلك ويقال إن الزلزال أعقبته مصيبة أخرى أحدثتها هذه المرة الفيضان الموسمي العالي للبحر غمر المدينة والريف ،إن غابة بوسيدون المقدسة غمرت لدرجة أن المرء لا يستطيع أن يرى قمم الأشجار المغمورة إلا بصعوبة ، إن غضب الرب قد حاق بهذه المدينة المنكوبة خلال عاملين أولهما أنها دكت ثم بعد ذلك ابتلت بكل سكانها".

وقد ذكر الكثير من الكتاب الكلاسيكين أنهم شاهدوا أنقاض هذه المدينة تحت الماء وربما يرجع السبب وراء اختفاء تلك المدينة عن الأنظار أنها غرقت ، أما مصب نهرين فلا شك أن ترسيباتهما الغرينية قد غطتها تماماً حتى بلغ سمك الطمي المتماسك فوقها عشرين متراً حتى إن مدمرة ألمانيا غرقت في نفس الموقع غرست في الطين. نسمع أيضاً عن مدن أخرى لا زالت تحت الماء مثل مدن بورا وآحيا تنتظر الخروج للنور لكن ليس هناك أهم من الإسكندرية بين مدن العالم القديم الذي لا يزال برج فنارها القديم "فاروس" راقداً تحت الماء حتى الآن رغم الجهود التي بذلها علماء آثار تحت الماء المصريين والفرنسيين فقد كان هذا الفنار إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة شيده بطليموس الثاني عام 279 ق.م على الركن الشمالي الشرقي لجزيرة فاروس ويبلغ طوله خمسمائة قدم وكان يعلوه تمثال ضخم لإله البحر بوسيدون وظل الفنار يعمل هاديا للسفن ونصب طيلة ألف عام ثم ضربه زلزال تلو الآخر حتى زلزال القرن الرابع عشر الذي هدمه تماماً وغرقت معظم أجزاء الفنار عدا الطابق الأسفل الذي أعيد استخدام أحجاره في بناء قلعة قايتباي عام 1480.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
إبن العبيدي
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات
إبن العبيدي


تاريخ التسجيل : 29/09/2012

 علم الاثار المجتمع الفرنسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم الاثار المجتمع الفرنسي    علم الاثار المجتمع الفرنسي Emptyالسبت 17 نوفمبر 2012 - 2:00

بارك الله فيك أخي جلوول الغالي
على هذا الموضوع القيم

هاك وليت موسوعة مثل أخينا الحارس
ما شاء الله

هههه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
علم الاثار المجتمع الفرنسي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المجتمعات أو بالاحرى المجتمع
» مصر الفرعونية :الاقتصاد و المجتمع
» دروس في علم الاثار
» علم الاثار الجنائزي
» جمال الاثار في تونس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنوز ودفائن القدماء :: المنتدى العام :: قسم تاريخ الحضارات البشريه العام-
انتقل الى: