كنوز ودفائن القدماء
الاسكندر الكبير الجزء الثاني 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الاسكندر الكبير الجزء الثاني 829894
ادارة المنتدي الاسكندر الكبير الجزء الثاني 103798
كنوز ودفائن القدماء
الاسكندر الكبير الجزء الثاني 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الاسكندر الكبير الجزء الثاني 829894
ادارة المنتدي الاسكندر الكبير الجزء الثاني 103798
كنوز ودفائن القدماء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنوز ودفائن القدماء

الحضارات القديمة والتاريخ
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الاسكندر الكبير الجزء الثاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حارس الكنز
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات
حارس الكنز


تاريخ التسجيل : 15/06/2012
العمر : 63

الاسكندر الكبير الجزء الثاني Empty
مُساهمةموضوع: الاسكندر الكبير الجزء الثاني   الاسكندر الكبير الجزء الثاني Emptyالأحد 1 يوليو 2012 - 9:08

مصر

وبعد تحطيم غزة، تابع الإسكندر طريقه إلى مصر فوصلها في أواخر تشرين الأول (نوفمبر) 332ق.م ، فاستسلم (مزاكس) والي مصر الفارسي في العاصمة ممفيس وسلم الإسكندر كافة كنوز مصر لعلمه اليقين بعجزه عن مقاومة الإسكندر بعد هزيمة مولاه وهربه وسيطرة الإسكندر على سورية، ولاسيما أنه كان لا يستطيع الاعتماد على مساندة الشعب المصري وكان يكره الفرس كرهاًً شديداً. وهكذا آلت مصر إلى الإسكندر بدون قتال. ولما كان المصريون يحقدون على الفرس لانتهاكهم حرمة ديانتهم، فقد كان أول عمل قام به الإسكندر عندما حط رحالة في العاصمة المصرية ممفيس (منف) هو أن يظهر احترامه للديانة المصرية. ولذلك قدم القرابين في معبد (فتاح) Ptah للآلهة الوطنية والعجل المقدس (ابيس) Apis ورسم نفسه فرعوناً طبقاً للطقوس الدينية المصرية.

وبعد فراغه من تأسيس مدينة الإسكندرية التي دفعه إلى تأسيسها محبته لإنشاء المدن وتخليد اسمه إضافة إلى رغبته في نشر الثقافة الهلينية وحاجته إلى مركز حربي بحري وأخيراً نقل تجارة صور وغزة إليها بعد تحطيم المدينتين، أخذ الإسكندر جزءاً من جيشه ونفراً من صحبه واتجه في محاذاة الشاطئ حتى وصل إلى (بارايتونيون = مرسي مطروح) ثم توغل في الصحراء قاصداً الحج إلى معبد (آمون) Amon في واحة (سيوه)، وكان يضارع في أهميته أعظم معابد الوحي الإغريقية، ويميل أغلب الباحثين إلى أن الإسكندر قام بهذه الزيارة لتحقيق غايتين أمام الرأي العام العالمي وهما: إثبات صلة نسبه بالآلهة المصرية وبالتالي أحقيته في حكم مصر والفوز بمباركة الإله آمون لمشروعاته المقبلة. وقد كان من شأن تحقيق هاتين الغايتين أن ييسر على الملك الإله تكوين إمبراطورية عالمية وبسط نفوذه في أرجائها.

وقبل أن يبرح الإسكندر مصر، قام بتنظيم البلاد تنظيماً دقيقاً، فمنحها استقلالاً داخلياً، ووضع وادي النيل تحت أمرة حاكمين أحدهما على الأقل مصري، في حين وضع الأقاليم المتاخمة للدلتا تحت إشراف رجلين من الإغريق، وأمر الجميع أن يرعوا في حكمهم التقاليد المصرية القديمة وتحصيل الضرائب وتسليمها إلى (كليومنس) النقراطيسي، وكان أحد الحاكمين الذين عينهم الإسكندر وأوكل إليه أيضاً الإشراف على إنشاء الإسكندرية.

وعندما فرغ الإسكندر من مهامه في مصر، برحها في ربيع سنة 331ق.م بعد أن أوفد بعثة علمية إلى السودان لتقصي سبب فيضان النيل بموجب توصية أستاذه أرسطو قاصداً بابل لملاقاة الجيش الفارسي ثانية بعد أن أعاد تنظيمه وتولى قيادته الملك الأكبر بنفسه.

تنظيم سورية

وفي طريقه عرج على سورية، حيث قام بتعيين أحد قادته المدعو (لاومدون) والياً عاماً على سورية الكبرى، وجعل له معاونين في إدارة المال والجيش، كما عين (اسكلبيودوروس) حاكماً على دمشق وأنشأ فيها مركزاً للتفتيش المالي.

ولا يعرف سبب غير خشية الإسكندر من طموح من يحكم مثل هذه الرقعة الهائلة من الأرض دفعه لأنه يكوّن من أراضي الجزيرة (السورية) ولاية جديدة. وفي الوقت الذي كان الإسكندر يصدر أوامره بتثبيت معظم ملوك الساحل السوري على عروشهم كان قائده بارمنيون يقيم جسراً على نهر الفرات حيث كان (مازايوس) والي سورية الفارسي يرابط على الضفة الغربية على رأس قوة فارسية صغيرة.

ما وراء الفرات

وتؤكد معظم الدراسات الحديثة أن القيادة الفارسية بذلت جهوداً مضنية خلال سنة ونصف في سبيل إعادة إنشاء جيش يتمكن من الصمود في وجه جيش محترف تقوده عبقرية فذة، ورغم أنها حققت بعض النجاح في هذا المجال إلا أنها لم تتخذ الخطوة الأكثر ضرورة وحسماً وهي تنحية الملك دارا نفسه عن القيادة العسكرية في ساحة القتال.

وفي تموز (يوليو) سنة 331ق.م لحق الإسكندر بقائده بارمنيون -وكان يرابط على ضفة الفرات الغربية- وعبر الفرات ثم الدجلة بدون مقاومة، ثم اتجه صوب قرية صغيرة تدعى (جاوجميلا) (موقع تل جومل على بعد حوالي 50طك شمالي اربيل) حيث كان دارا قد عسكر على مقربة منها على رأس جيش كبير تسانده عدد من العربات المنجلية وخمسة عشر فيلاً هندياً مدرباً على القتال.

وأفلح جيش الإسكندر في الحصول على نصر كبير بعد معركة ضارية، فرَّ على أثرها دارا، وزحف الإسكندر على بابل حيث سلم له مازايوس وكان قائداً بارعاً حارب بكفاية وإخلاص في معركة جاوجميلا، ولكن فرار الملك من المعركة ترك في نفسه أعمق الأثر. وقد أكرم الإسكندر هذا الرجل وعينه والياً على بابل، وكان هذه هي أول مرة أسند فيها الإسكندر مثل هذا المنصب إلى فارسي، ولكن الإسكندر عين إلى جانبه قائداً عسكرياً مقدونياً، وكذلك مشرفاً على الشؤون المالية. وعندما سلم إلى الإسكندر عدد من قادة الفرس البارزين عيّن منهم سبعة عشرة ولاة، ولكن الإسكندر أعطى مازايوس دون غيره من الفرس الذين أقامهم حكاماً على بعض الولايات حق سك النقود. وإزاء الترحيب الذي قوبل به الإسكندر في بابل أمر بإلغاء جميع قرارات الملك الفارسي اكسركس التي أبطلت العادات والتقاليد البابلية. وبعد ذلك تابع الإسكندر تقدمه نحو سوسا حيث عين عليها والياً فارسياً آخر، ثم سارع صوب برسبوليس واستولى عليها، وغنم من كنوزها ما قدر بمائة وثمانين ألف تالانت، ولا يعرف السبب الذي دعاه بعد ذلك إلى الإقدام عامداً متعمداً -برغم نصيحة بارمنيون- على إحراق قصر اكسركس، وإن كان بعض المؤرخين يعتقدون أنه أراد أن يكون هذا العمل عبرة لآسيا وإيذاناً بأنه تم الأخذ بثأر المعبد البابلي العظيم (E. Sagila) الذي خربه اكسركس قبل حوالي قرن من الزمن.

وعندما علم الإسكندر بأن دارا يعد العدة لمتابعة القتال في (اكباتانا) -وكان قد فرّ إليها بعد معركة جاوجميلا- أسرع لملاقاته قبل أن يُتم استعداداته ولكن قادة دارا تآمروا على مليكهم بعد يأسهم من قتال الإسكندر واغتالوه بزعامة (بارسانتس) قبل وصول الإسكندر إليه بوقت قصير، فأمر بأن تدفن جثة غريمه باحتفال ملكي مهيب.

وكان من جراء اغتيال الملك الأكبر بعد الهزائم التي نزلت بالفرس وتفرق كلمتهم أنه لم يعد في وسعهم بوصفهم دولة، مغالبة الإسكندر. وهكذا طويت إلى حد كبير آخر صفحة من صفحات الإمبراطورية الفارسية وبدأ حكم جديد للمنطقة تحت رعاية حكام جدد يمثلون حضارة جديدة.

وكذلك كان من جراء انتصارات الإسكندر واغتيال دارا أن الإسكندر أصبح الملك الأكبر بحق الفتح ودعا نفسه «سيد آسيا»، وتبعاً لذلك أصبح من حقه أن يُعامِل كل من يقاومه معاملة العصاة الخارجين على سيد البلاد حتى ولو كانوا من العناصر الوطنية. ولذلك فإن الولاة الفرس الذين قدموا له فروض الولاء عفا عنهم وثبتهم في مناصبهم، أما الذين قاوموه ووقعوا في الأسر فإنه أعدمهم.

ومما يجدر بالملاحظة أنه منذ مقتل دارا دأب الإسكندر في المناسبات الرسمية على ارتداء الثياب الفارسية وإتباع المراسم الفارسية بازدياد مطرد.

والمهم في الأمر، أنه بعد أن أمّن الإسكندر مؤخرته باستسلام ولاة الهضبة الإيرانية وفرار بعضهم الآخر، اتجه شمالاً باتجاه باكترية لاقتفاء أثر هؤلاء. وفي طريقه بلغ الإسكندر نبأ استسلام (ساتيبارزانس) والي آريه فعفا عنه وثبته في ولايته وأرسل إليه أحد قواده لمرافقته وإن لم يزوده بقوات كافية، دليلاً على رغبته في إتباع سياسة جديدة تقوم على أساس الثقة بالولاة الفرس. وعند وصول الإسكندر إلى (بلخ) بلغه تمرد ساتيبارزانس، مما اضطره إلى العودة جنوباً وإخضاع آريه ثانية رغم فرار ساتيبارزانس بصعوبة. وعلى مقربة من إحدى المدن الهامة التي تدعى (ارتاكوانا) أسس أول مدينة حملت اسمه شرقي الدجلة. وفي طريقه باتجاه باكترية توقف الإسكندر في المقر الملكي الفارسي في (فرادا) حيث حاكم فيلوتاس -أحد أفضل ضباطه- بتهمة الخيانة لشخص الإسكندر وأعدمه، كما أصدر في السنة نفسها 330ق.م أمراً باغتيال أعظم قادته بارمنيون للشك الذي خامر الإسكندر حوله والأقاويل التي حيكت حول تصرفاته السابقة.

وبعد إعادة تنظيم بعض فرق الجيش أخضع الإسكندر كلا من ولايات الهند الشمالية والشمالية الغربية. وبحلول سنة 328ق.م نجح الإسكندر بعد جولة مثمرة في شمال شرق الهضبة الإيرانية في فرض سيطرته على كافة الأصقاع التي دانت في فترة سابقة للمتمردين من بدو الساكا والصغديين والباكتريين، وأهمهم (أوكسو أرتس) الذي استسلم رجاله للاسكندر بعد مقاومة عنيفة ووقعت أسرته في الأسر بما فيها ابنته (روكسانا) التي تزوجها الإسكندر فيما بعد متابعاً بذلك سياسته التي أفضت إلى سوء التفاهم وفقدان الثقة بينه وبين الإغريق والمقدونيين. ذلك أن هذا الزواج كان زواجاً سياسياً محضاً قصد به إظهار احترامه للعرق الفارسي بصورة خاصة، واسترضاء الأمراء الشرقيين، ووضع حد للحرب القومية بصورة عامة.

وإلى حين اغتيال دارا واستيلاء الإسكندر على العاصمة الفارسية اكباتانا في صيف سنة 330ق.م كان الإسكندر ملكاً مقدونياً وقائداً لحلف كلفه بمحاربة الفرس، وقد بلغت هذه المهمة غايتها بتحطيم الدولة الفارسية، ولعل الإغريق بحلفيهم شعروا بأنه لا علاقة لهم باستمرار زحف الإسكندر شرقاً، وخاصة عندما رأوه ماضياً في اتخاذ بعض الخطوات التي أشعرتهم وأكدت قناعتهم بان الإسكندر لم يعد مليكهم فقط بل أصبح ملكاً آسيوياً، ذلك أن الإسكندر عني باحترام رعاياه الجدد من الشرقيين (مصريين وسوريين وبابليين وفرس) لإيمانه بأن التفرقة بين الناس في المعاملة يجب أن تقوم على أساس فضلهم وليس جنسهم، وقناعته بأنه على الرغم من تأخر بعض مظاهر حضارات هذه الأقوام عن الحضارة الإغريقية، فإنه من الممكن تحضير هؤلاء والاستفادة من مقوماتهم الحضارية القائمة، وهي عكس الفكرة التي كان ينادي بها أرسطو كما أسلفنا، ودان بها الإغريق بوجه عام.

وقد ضاق رفاق الإسكندر بما لاحظوه من أنه لم يكتف بإقامته ولاة من الفرس بل أنه دَرَجَ منذ وفاة دارا على التشبه بملوك الفرس في المناسبات العامة ثم شَفع ذلك بزواجه من فارسية، وأعقب ذلك بإعداد العدة لتدريب عدد كبير من شباب الفرس على النهج المقدوني في القتال.

وعلى أية حال، فقد كان من شأن هذه التصرفات التي قام بها الإسكندر أن رفاقه من المقدونيين والإغريق تخيلوا -نظراً لعَجزهم عن فهم المغزى الحقيقي الذي رمى إليه الإسكندر- أنه تحول إلى ملك فارسي، ورأوا أن من واجبهم وقفه عند حده. مما تسبب له في كثير من المتاعب كانت أولاها مؤامرة (فتيان القصر) وهي التي ارتبط بها اسم (كاليسثنس) والذي حكم عليه بالإعدام مع بقية المتآمرين.

وبيان ذلك أن أحد فتيان الحاشية ويدعى (هرمولاوس)، تآمر ونَفَرْ من زملائه على حياة الإسكندر، بإيحاء من كاليسثنس الذي أثبت التحقيق أنه ردد على مسامعهم تحبيذه قتل الطغاة، ولعل مجرد حدوث هذه المؤامرة يكفي للدلالة على عجز رفاق الإسكندر بما فيهم أنضجهم عقلاً وأكثرهم ثقافة مثل كاليسثنس عن تفهم مرامي الإسكندر السياسية.

ولم يكن من شأن التآمر على حياة الإسكندر أن يصرفه عن المضي قدماً في اتجاهه. ذلك أنه حين كان لا يزال في باكترية خطا خطوتين في هذا الاتجاه أحداهما هي انه وضع فرقة الفرسان الملكيين تحت قيادته الخاصة، وضم إليها قلة من أبناء نبلاء الفرس والخطوة الأخرى هي أنه أعاد جميع فرسانه البلقانيين إلى بلادهم عدا التراقيين منهم واستبدل بالذين أعادهم فرساناً من الشرقيين ممن استبسلوا سابقاً في مقاتلته قبل إخضاع ولاياتهم ثم أخلصوا في خدمته، وهو أمر يعكس مدى ثقة الإسكندر بنفسه وبسياسته.

غزو الهند

وبعد إعادة تشكيل قواته في مدينة (تاكسيلا) أصدر الإسكندر أوامره إلى هذه القوات -التي بلغت حوالي ثلاثين ألفا- بالتحرك باتجاه الهند التي لم يكن يعرف عنها إلا معلومات ضئيلة لقنه إياها أستاذه أرسطو. ولم يكن مدلول الهند عند الإسكندر عندما غزاها أكثر من إقليم البنجاب، ولما كانت هذه (الهند) جزءاً من إمبراطورية دارا الأول فإن غزوها كان أمراً ضرورياً لاستكمال فتح هذه الإمبراطورية.

وفي بداية صيف سنة 327ق.م ، خرج الإسكندر من مدينة باكترا وفي طريقه صوب كابول قدم له بعض زعماء المنطقة عدداً من الأفيال هدية لمتابعة حربه بعد أن يئسوا من مقاومته، واستطاع في فترة وجيزة بما أوتي من روح معنوية عالية وكفاية حربية مهارة دبلوماسية اكتساح معظم الاقاليم المتاخمة لمملكة (باورافا) شمال غربي الهند، وكان ملكها (بوروس) قد تحالف مع بعض الحكام المجاورين. وبعد أن أعاد الإسكندر تنظيم فرسانه، فاجأ غريمه بوروس -الذي عسكر بالقرب من أحد الأنهار- بحركة التفاف سريعة أفقدت قواتَه وفيّلَتِه قدرتها على القيام بأي هجوم معاكس مجدي، وانتهت المعركة بهزيمة قوات بوروس بعد استبسالها في المعركة استبسالاً منقطع النظير. ونظراً لشدة إعجاب الإسكندر بشجاعة بورس وقواته فإنه عرض عليه أن يصبح حليفاً له وحاكماً وطنياً يتمتع بقسط من الرعاية والحماية، فوافق بوروس على هذا العرض، كما بارك مساعي الإسكندر لإصلاح ذات البين بينه وبين حليف هندي آخر للاسكندر المدعو (تاكسيلاس) ويبدو أن الإسكندر قد خشي بعد ذلك من قيام أحدهما أو كلاهما بثورة على سلطته، فحاول جهده لإقرار موازنة بين قوات وممتلكات كل من الطرفين.


نهاية الحملة

وابتدأت مشاق الزحف الهندي مع بداية فصل الصيف، وعندما أصر الإسكندر على متابعة مسيره لاستكمال سيطرته على بعض الشعوب التي لم تعلن ولاءها، تمرد الجيش وقد أنهكه التعب وأضناه اشتداد الحرب والحنين إلى الوطن. ورغم استياء الإسكندر من تصرف قواته واعتكافه لمدة ثلاثة أيام في انتظار عدول الجيش عن تمرده ومتابعة المسيرة، قرر في النهاية العودة وسط تهليل الجنود وفرحتهم، وبعد عناء شديد في طريقي العودة البري والبحري وصل الإسكندر وجيشه إلى مدينة سوسا الفارسية في ربيع سنة 324ق.م.

وفي سوسا، أقام الإسكندر وليمة كبرى احتفالاً بإتمام غزوه للإمبراطورية الفارسية وفي هذا الحفل عقد قرانه مع ثمانين من ضباطه على فتيات وسيدات من نبيلات الفرس، كما عقد قران 10.000 من جنوده على فارسيات، ومما يجدر بالذكر أن الإسكندر وصديقه هيفايستيون زفا إلى ابنتي دارا، وكانت (بارسيني) من نصيب الإسكندر. وكان هذا الإجراء بمثابة خطوة أخرى نحو تقوية أواصر الرباط بين الشرق والغرب عن طريق المصاهرة.

وقلق الإغريق والمقدونيون من تصرفات الإسكندر -وهي التي جعلته يبدو لهم ملكاً فارسياً أكثر منه مقدونياً- وتفاقم خلافهم معه تفاقماً شديداً وبخاصة عندما جاء حكام المدن الجديدة التي بناها الإسكندر أو غزاها ومعهم ثلاثون ألفاً من الفرس الذين تدربوا على النهج المقدوني للانخراط في صفوف الجيش. ذلك أن رجال الإسكندر ربطوا بين هذه الظاهرة والظواهر الأخرى التي مر ذكرها. واعتبروها دليلاً على استشراق الإسكندر، ولكنه لم يعر ذلك اهتماماً ومضى في طريقه وكأن شيئاً لم يكن.

فتوحات الإسكندر الكبير

وفي هذه المرحلة (324ق.م)، كان الإسكندر قد أصدر مرسومه الشهير الذي وجهه إلى المدن الإغريقية في حلف كورنثة، وفيه يبلغهم أوامره بالسماح للمنفيين السياسيين وأسرهم بالعودة إلى مدنهم واستثنى من ذلك مدينة طيبة. وكان هدف الإسكندر من ذلك استقرار الأوضاع في بلاد الإغريق بالقضاء على الصراع الحزبي في المدينة الواحدة ودرء خطر هذا الحشد الهائل من الرجال المشردين بلا وطن الذين كانوا يعرضون خدماتهم كمرتزقة على من يشاء.

ويتبين من المصادر القديمة أن الإسكندر اتخذ في السنة نفسها إجراء آخر وهو أنه طلب إلى مدن حلف كورنثة تأليهه. ويرى الباحثون أن المقصود بذلك التأليه هو إتاحة الفرصة للاسكندر للتدخل في شؤون الحلف. لأن الإسكندر رئيس الحلف مقيد بميثاقه، وأما الإسكندر الإله فإنه لا حدود لسلطته. وتبعاً لذلك يرجح الباحثون أن هذا الإجراء كان سابقاً وليس لاحقاً لطلبه الخاص بإعادة المنفيين السياسيين.

وبعد ذلك بقليل، وعندما قرر الإسكندر أن يعيد إلى مقدونية الطاعنين في السن من رجال الجيش، اكدت وساوس المقدونيين، وظنوا أن الإسكندر كان يرمي إلى أقصائهم عنه تدريجياً ونقل مركز الإمبراطورية من مقدونية إلى الشرق تمشياً مع سياسته المشرَّبة بروح العطف نحو الشرقيين. وساعد على تأكيد وساوس المقدونيين ما لاحظوه من اهتمام الإسكندر الشديد وولعه بإنشاء المدن الجديدة والمستقرات العسكرية في كافة أنحاء الإمبراطورية الفارسية، فقد كان من شأن ذلك توكيد سياسة المزج والمساواة التي رحب بها الإسكندر ودعمها بالكثير من تصرفاته، على حين أنها لم ترض كبرياء وأنفة معظم عناصره فرفضوها ضمناً، وجهراً أحياناً، ولذا فإن رجال الجيش جميعاً -باستثناء الحرس والفرق الفارسية- ثاروا على الإسكندر وطالبوا بإعادتهم جميعاً إلى أوطانهم.

وغضب الإسكندر غضباً شديداً مما اجترأ عليه رجاله، وبعد أن أمر رجال الحرس بالقبض على زعماء الفتنة، ألقى في جموع الجيش خطبة مؤثرة ختمها بتسريح الجيش من خدمته. وبعد اعتكافه لمدة يومين دعا زعماء الفرس إليه، وطلب منهم مساعدته على إنشاء جيش قوامه البشري فارسي، وتسمياته وأنظمته مقدونية، ونتيجة لهذا التصرف، وكلماته النافذة فُتَّ في عضد الجيش، وتراجع عن موقفه وعاد الجميع يطلبون الغفران والسماح، عفا عنهم الإسكندر، وتم الصلح الذي ظل مفقوداً بين الإسكندر ورجاله لفترة طويلة.

واحتفالاً بالصلح، أقام الإسكندر وليمة كبرى اختتمها بإقامة صلاة من أجل السلام متمنياً أن يدوم الوئام والتعاون بين الفرس والمقدونيين وجميع عناصر الإمبراطورية وأن يسود الحب والود والإخاء بين هذه العناصر. ولعل ابتهاله هذا يُثبت لنا بما لا يدع مجالاً لشك في أن الإسكندر لم يكن مُدَّعِياً في تصرفاته السابقة ولا مداهناًً، ولم تكن غايته الوصول إلى مكاسب سياسية مؤقتة، بل كانت معظم تصرفاته تعبيراً صادقاً عن إيمان بعقيدة راسخة كما لو كان يحمل رسالة مقدسة وَجَبَ عليه تأديتها على أحسن ما يكون. وبعد الحفل، أمر الإسكندر بإعادة الجنود القدامى -ويقدر عددهم بعشرة آلاف- بصحبة قائده (كراتروس) إلى مقدونية وبلاد الإغريق محمل
ين بالهدايا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاسكندر الكبير الجزء الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاسكندر الكبير الجوء الاول
» الاسكندر الكبير الجوء الثالث موت الإسكندر وتفكك الإمبراطور
» مذكرات الاسكندر الكبير عن مخطوط بابل - نسطور ماتساس
» مخطوطة الديربى الكبير
» القرن الثاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنوز ودفائن القدماء :: منتدى الحضارات القديمة وتعريفها :: الحضارة الاغريقية-
انتقل الى: