تقع مدينة أوذنة، أوتينا القديمة، الواقعة على الطريق الرومانية التي تصل قرطاج بتبوربومايوس مرورا بمكسولا (رادس)، على بعد حوالي ثلاثين كيلومتر من الناحية الجنوبيّة الغربيّة لمدينة تونس.
يغطّي الموقع الموجود على مرتفع صغير جزئيا أو كليا المربّعات لمبار 365/369 شمال – 526/526 شرق. يهيمن الموقع على سهل بالغ الجمال يمتدّ بين جبل الرصاص وجبل بوقرنين ووادي مليان.
يتم الوصول للموقع اليوم عبر:
الطريق السيارة تونس – زغوان مرورا بالمفترق المؤدي للخليدية
الطريق الوطنية تونس – فوشانة – المحمدية – الخليدية أو المحمدية - بوربيع أو تونس – المروج – نعسان – الخليدية
طريق رادس – بن عروس- مرناق- أوذنة
الطريق السيارة الحمامات – تونس مرورا بالمفترق الموالي لنقطة الاستخلاص عبر مرناق
مسرح روماني
كانت مدينة أوذنة القديمة (أوتينا) إحدى أهم المدن بالمقاطعة الرومانية الافريقية. وتشهد على هذه الأهمية، مساحة الموقع، وثراء حليته المعلمية، وزينته ورخاء وكثرة منازله الخاصة.
للمدينة أصول تعود إلى ما قبل عهد الرومان, فقد كانت المدينة, قرية بربرية – بونية وحصلت على رتبة مستوطنة عن الامبراطور أغسطس والذي أسكن فيها قدماء الجنود المحالين على المعاش من الكتيبة XIII وبالتالي أصبحت تحمل التسمية الرسمية التالية: (Tertiadecimorum Uthina)Colonia Julia pietas)) ويعتبرها بلينيوس الأكبر (القرن Iم) في كتابة " التاريخ الطبيعي" من أقدم المستوطنات بإفريقيا. وعرفت نموّا ورخاءا خلال القرنين الثاني و الثالث ميلاديين، وإلى هذه الفترة يرجع بناء أغلب معالمها الكبرى.
فيما يخص الفترة المسيحية, ونظرا لغياب شواهد أثرية ثابتة في الوقت الحالي, كانت أوتينا مركز أسقفية سنة 256 بعد الميلاد على أقصى تقدير وقد مثلها أليوس فيليكس (Alis Felix) الأسقف الغير الرسمي خلال المجمع الكنسي قرطاج الذي عقده القديس قبريانوس.
وعرفت أوتينا مثلها مثل أغلب المدن الإفريقية في تلك الفترة الإنشقاق الدوناتوسي: تخبرنا محاضر جلسات المجمّع الكنسي بقرطاج المنعقد سنة 411 بعد الميلاد وبمبادرة من القديس أغسطينوس أب الكنيسة الإفريقية أنّ أسقفين من هذه المدينة كان حضر الندوة: أحدهما كزعيم للمجموعة الكاثوليكية و الآخر كزعيم الدوناتوسيين.
ونجد أخيرا, ذكرا لممثلي هذه الأسقفية في محاضر جلسات عدّة مجامع في المؤشّرات الأسقفيّة سنتي 419 و525 (ب.م).
وفي نهاية العصر القديم تراجعت المدينة لتصبح في الفترة العربية الإسلامية قرية جدّ متواضعة.
حنيا
عند التجوال في محيط موقع أوذنة، تشدّ الانتباه رتابة التضاريس. وعلى أبعد من مدى البصر تمتد سهول شاسعة تتناوب فيها مناظر الحقول المسطّحة (سهل كيلوس) مع البساتين التي تكثر فيها زراعة الأشجار المثمرة و البقول (سهول مرناق وأدنى وادي مليان).
للوصول إلى المرتفعات يجب قطع مسافة تزيد عن 15 كلم أحيانا. فعلى الضفة اليمنى للوادي يطل جليا جزء من المرتفعات الظهرية على أدنى سهل مليان (جبل الرصاص 795 م) وخليج تونس (جبل بوقرنين 576م). يبرز جبل الرصاص قمّة مذبّبة وسفوحا شبه عمودية تقريبا و وعرة. أما أعلاه فيظهر على هيئة قمة ضيقة يقسمها ممرّ إلى كتلتين منفصلتين منحدراتها هاوية: الرصاص الصغير ذو علو 500م,
و الرصاص الكبير إلى الجنوب و ارتفاعه 795م و المشرف على موقع أوتينة. أما جبل بوقرنين فهو أكثر رحابة. ومنحدره الغربي جدّ مشرّح, في حين أنّ الناحية الغربية تتكوّن من سلسلة جبال وهضاب تشرف على منخفض هام حيث توجد سبخة السيجومي, فالبعض من هذه الجبال و الهضاب يحيط بالحافة الجنوبية و الجنوبية الغربية للسبخة (جبل عقبة الوصيف 202م, جبل بن ناجه 190, جبل سيدي صالح 166م, جبل الناظور 141م وجبل التلّة 115م). وهناك مجموعة ثانوية ثانية تحيط بمصب وادي مليان (جبل خروبة 106م, هضبة سيدي بلحسن 88م, هضبة فندق الشوشة.....إلخ).
أمّا السهول فهي كثيرة في المنطقة الوسطى وتنطلق ابتداء من عتبة جبل الوسط حيث تنبئ رتابة التضاريس ببداية أدنى سهول مليان. أوّل منبسط هو منبسط كايلوس ويحدّه شمالا موقع أوذنة وهضاب المحمدية. وتتفاوت مرتفعاته قليلا إذ لا تتجاوز 60م. أما في منطقته الوسطى, حيث يرسم وادي مليان منعطفات جميلة بعضها اندثر, فإنّ المنحدر يكاد يكون منعدما. ويرتفع السفح تدريجيا ليتّصل بالمرتفعات المجاورة, من الجهتين الشمالية والشرقية. ويزداد سهل مليان ضيقا ليتسع فجأة في هذه المواضع ويلامس منبسط مرناق – أسفل مليان. إنّ هذا المنبسط الممتد على عرض 15كلم يضيق شيئا فشيئا كلما اقترب من الساحل وتمتاز أيضا بقممها المنخفضة (بمعدل 200م), في حين يحدّها من جهة البحر ساحل منظم ومستنقعي.