كنوز ودفائن القدماء
    ثورات  المصريين 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا     ثورات  المصريين 829894
ادارة المنتدي     ثورات  المصريين 103798
كنوز ودفائن القدماء
    ثورات  المصريين 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا     ثورات  المصريين 829894
ادارة المنتدي     ثورات  المصريين 103798
كنوز ودفائن القدماء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنوز ودفائن القدماء

الحضارات القديمة والتاريخ
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  ثورات المصريين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر
Anonymous



    ثورات  المصريين Empty
مُساهمةموضوع: ثورات المصريين       ثورات  المصريين Emptyالأربعاء 11 يوليو 2012 - 9:48


عرفت الحضارة المصرية على مر العصور الثورة بمعناها القديم والحديث ففى مصر القديمة عرفت معنى الثورة حيث ثار المصريون على الفرعون بى بى الثانى وهو احد ملوك الاسرة السادسة فى عصور الفراعنة وكذلك ثار المصريون فى العصر الحديث عدة ثورات وهو ماسنحاول إلقاء الضوء عليه فى هذه المقالات حول
" أشهر ثورات المصريين من عصر الفراعنة الى عصر الفيسبوك "

مع أن تلك الثورات لم تنشب من فراغ أو بشكل عشوائي بل على العكس كانت لها جذور وطيدة تمتد الى ما نظمه أجدادنا الفراعنة فى عصرهم من احتجاجات وخروج بشكل أو بأخر على الحاكم تدل على أن الثورة كلمة نكررها دائما ولا نكترث بمعناها ،وأن التاريخ يعيد نفسه .

ونرصد فى هذا الملف أبرز ملامح ونتائج الثورات العسكرية والشعبية التى مرت على مصر بدايةً من العهد الفرعونى الى العصر الحديث والمعاصر ،والتى نجد بها العديد من الأسباب المتشابهة والمطالب والمواقف المتكررة التى تؤكد أن الشعب المصرى تعامل مع الثورة فى الحضارة الفرعونية مثلما يتعامل معها الآن المصرى الحديث عبر صفحات "الفيسبوك ".
أولا ثورة المصريون على الفرعون بى بى الثانى
    ثورات  المصريين 3675archaeology


واسم هذا الفرعون " نفر كارع بيبي " الثاني تولي العرش وكان عمره ست سنوات وتعتبر فترةحكمه أطول فترات الحكم في مصر القديمة فحكم حوالي أربعة وتسعين عاماً وتوفى عن مائةعام، وكانت أمه وصية عليه في البداية وربما كان أشهر أعماله في السنوات الأولى من حكمه إرسال حملات إلى الجنوب كذلك بعض الرحلات التجارية إلى بيبلوس في الشمال ،وكان لطول مدة حكم الملك بيبي الثاني أثره في ضعف الأسرة ، فنجد أنه في النهايةبسبب كبر سنه غير قادر على كسب طاعة أمراء الأقاليم الأقوياء الذين زادت سلطتهم ولم يدينوا بالولاء للملك وامتنعوا عن دفع الجزية وظهر عدم الاستقرار وعدم الأمن فسادت الفوضى في كل مكان وأهملت القوانين وانهار الصرح الاجتماعي وطرد الموظفين من وظائفهم وزاد السلب والنهب
بداية المأساة
بدأت المأساة بضعف الملك بيبي الثاني لعجزه و طعونه في السن و ذهوله عما يجري حوله و تسليمه باكاذيب المنافقين من حوله، فأستقل حكام الأقاليم بأقاليمهم و استبدوابالاهالي، فرضوا المكوس الجائرة ، و نهبوا الأقوات ، و اهملوا اي اصلاح للري والارض،و انضم اليهم الكهنة حرصا على أوقافهم،يبيحون لهم بفتاواهم الكاذبة كل منكر، غير مبالين بانات الفقراء و ما يعانون من قهرو ذل و جوع، و كلما قصدهم مظلوم طالبوه بالطاعة و الصبر و وعدوه بحس الجزاء فيالاعالم الاخر، و بلغ منا الياس غايته، فلا حاكم يعدل، و لا قانون يسود، و لا رحمة تهبط، فانطلقت بين قومي أدعوهم الى العصيان و محاربة الظلم بالقوة،و سرعان ما استجابوا الى النداء، فحطموا حاجز الخوف و التقاليد البالية، و وجهوا ضرباتهم القاتلة الى الطغاة و الظالمين، و سرت النار المقدسة الى جميع البلاد وانطلقت قذائف الغضب الاحمر على الحكام والموظفين و رجال الدين والمقابر."
الثورة فى ذاكرة المصريين
والثورة المصرية التي تركت طابعها على ذاكرة الشعب كانت انطباعاً يمثل ثورة عارمة اختلت فيها الموازين وانقلبت الأدوار. فقد نهب الفقراء الأغنياء، وأصبح السادة السابقون عبيداً لعبيدهم السابقين. وتخلى القوم عن خدمة الطقوس الجنائزية الفرعونية القديمة. فالطقوس والفراعنة والأهرام والهياكل وكل ما عرفته المملكة القديمة من الأجهزة الفرعونية ثقيلة العبء، شوهت سمعته
وسنذهب إلى مؤرخ المصريات الشهير جيمس هنري برستد وكتابه ‘تاريخ مصر من أقدم العصور وإلى العصر الفارسي’
- يقول عن نفس تلك الفترة:
• ‘لمناسبة جلوس بيبي الثاني على العرش في طفولته كانت مدة حكمه طويلة فقد قال مانيتون أن هذا الملك تولى في السنة السادسة وعاش مائة سنة…. وعليه فحكم هذا الملك أطول الأحكام في التاريخ…. والثابت أن الحوادث التي حصلت بعد وفاة بيبي الثاني ماتزال غامضة تصعب علينا معرفتها…. وهكذا بعدما حكمت حكومة نظامية لمدة تزيد على ألف سنة رجعت الحال إلى أصلها من الفوضى وعدم النظام’
. هذه هي أقدم ثورة اجتماعية شاملة نملك قيوداً عنها’.
وصف حال الملك العجوز
وكل ما لدينا من معلومات مدونة كتبها مؤرخ اسمه (ابوري) في كتاب اسمه (صرخة نبي)، وقد وصف المؤرخ المصري الكبير سليم حسن هذه الثورة بأنها كالثورة الشيوعية تماما ـ قد حطمت وهدمت كل شيء..
اما هذه الصرخة فهي تحفة ادبية كتبها هذا المؤرخ وهو يصف حال مصر للملك العجوز بيبي الثاني.. يقول له: ان الناس قد جاعت وماتت من الجوع. ولان الناس عاجزون عن دفن موتاهم فقد نشطت صناعة الدفن.. والعاجزون عن الدفن كانوا يلقون الجثث في النيل حتى اصبحت التماسيح ضخمة بسبب هذه الجثث.. ولم يعد يستورد خشب الارز من لبنان لصناعة التوابيت.. وهجم الناس على قبور الملوك.. وهجموا على طعام الخنازير فلم يعد احد يجد طعاما.. وانقلبت الاوضاع في المجتمع.. ولم يعد احد يضحك.. وحتى الأمهات لم يعدن ينجبن.. والمرأة التي كانت ترتدي الكتان تمشي ممزقة.. والتي كانت تملك المرايا لم تعد ترى وجهها الا على سطح الماء.. ولم يعد احد يحترم الكبير ولا العالم ولا رجل الدين ولا ابويه..
وكان الناس يقولون: يا ليتنا متنا قبل هذا.. وكان الاطفال يقولون: ولماذا اتوا بنا.. واللصوص صاروا اغنياء.. ولم يعد احد منهم في حاجة الى ان يتزوج.. ففي فراشه كثيرات من بنات العائلات الغنية من اجل الطعام والشراب والمأوى.. ولا احد يخاف من رجال الأمن ولا النبلاء ولا الكهنة ولا الاسر المالكة.. كلها لم يعد لها وجود.. انها تتواري او تهرب او تلقي بنفسها في النيل..
ماهى نتائج الثورة؟
ولكن التاريخ لم يقل لنا بعد ذلك أي بعد قرنين من الزمان ماذا حدث في مصر. وكيف استقامت الاوضاع وكيف استأنف الفراعنة البناء والحياة والإنتاج واستقر الحكم وعادت الآلهة الى مكانها الرفيع من قلوب الناس وعقولهم.
انها اكبر وأوسع وأعظم ثورة في التاريخ سجلها اديب شاعر مفكر لم نجد لها نظيرا في ألوف السنين بعد ذلك!


ثورة شعبية عارمة في مصر في العام التاسع والعشرين من حكم رمسيس الثالث
(31-07-2011)
في دراسة عن ثورة المصريين في اي وقت علي تخطي العقبات عادت الدراسة الي التاريخ القديم؛ حيث شهدت مصر ثورة شعبية عارمة في العام التاسع والعشرين من حكم الملك رمسيس الثالث.. وكان ابطال الثورة عمال دير المدينة.. وقد قامت ثورتهم بعد ان انخرط الملك رمسيس الثالث في اواخر ايامه في الملذات وكان من جراء ارتفاع الاسعار وتدهور الحالة الاقتصادية بالبلاد ان تأخر صرف اجور العمال في دير المدينة لمدة شهرين مما تسبب في أول إضراب في نهاية حكمه. فقد توقف العمال عن العمل وتوجهوا الي الوزير "تا" المقيم بالرامسيوم ورفعوا اليه شكواهم ولكن دون جدوي، وفي اليوم الثاني تجمع العمال وهاجموا مخازن الرامسيوم وهم يصيحون بأنهم جائعون وبعدها اضطر الوزير للتدخل لاعطائهم ما يستحقونه. وتروي برديـة "هاريس" عن حالـة مصـر فـي نهايـة الاســرة الـ19 فتقــول فــي "ص 59": لقد غُزيت مصر من الخارج وأقصي كل رجل حقه وظل الناس من دون رئيس سنين عديدة حتي اتي عليهم حين من الدهر كانت مصر في ايدي امراء وحكام المدن وذبح الرجل جاره عظيما كان او حقيرا".. هكذا كانت نهاية حكم الملك رمسيس الثالث وما اشبه الامس باليوم.



ثورة عرابى باشا
    ثورات  المصريين 3676archaeology

ومن أشهر أقواله : "لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا وعقار . فوالله الذي لا إله هو إننا سوف لا نورَث ولا نُستعبد بعد اليوم ". أحمد عرابي .

ويقول الرافعي أن " الثورة العرابية كانت ثورة دفاع عن الحق ، ودفاع عن الحياة ، وليس من ينكر ما كان عليه معظم الرؤساء الشراكسة والترك وغيرهم من الغلظة والغطرسة والزراية بالمواطنين .. ويشير.. إلى أن المعاملة السيئة التي لقيها العرب من الترك إبان حكمهم ، كانت من أهم الأسباب في قيام الفتن والثورات في السلطنة العثمانية .
وقد قامت الثورة العرابية لتؤكد حق المصريين من ضباط الجيش في المساواة بأندادهم من الترك والجركس ، ثم اتـسع مداها لتؤكد حق المصريين في المساواة المطلقة بالترك وتنكر حق استئثار الخديوي وبطانته ورجال دولته من الترك والأجانب بالسلطة دون أصحابها من المصريين .

بذور الثورة
لقد كانت الظروف العامة في مصر قبل قيام الثورة أسوأ ما تكون عليه ، اذ كان الشعب المصري يقاسي أشد أنواع الظلم ، وأبشع ألوان الاستعباد من حكم الأسرة العلوية ، إضافـة إلى أن البلاد كانت تعيش في أزمة اقتصادية عنيفة منذ أوائل عهد الخديوي إسماعيل نتيجة للديون التي أثقلت كاهل البلاد . ولم تكن تلك الديون لولا إسراف الخديوي وتبذيره وفساد حكمه .. ومما زاد من سوء الأمور أن الخديوي قد رهن جميع موارد الدولة المالية ، كإيرادات الحكومة من السكك الحديدية ، وإيرادات الجمارك ومعظم أنواع الضرائب التي كانت تحصل من الشعب .
ومن أثر تلك الأزمة المالية للشعب .. أن الانهيار الاقتصادي في البلاد دفع الحكومة إلى فرض ضرائب جديدة غير عادلة على الفلاحين ، واستعملت وسائل بالغة القسوة في تحصيل هذه الضرائب مما أدى إلى سوء حالتهم .. وأصبحت البلاد على شفا الإفلاس ، وهنا أصبحت الفرصة سانحة للاستعمار الأجنبي لكي يتدخل .. وهو ماتم بالفعل لا حقا .

من هو أحمد عرابي ؟

ولد أحمد عرابي في 31مارس سنة 1841في (هرية رزنه) وهي قرية بقرب الزقازيق ، وكان أبوه شيخ البلد ، وهو من عائلة بدوية استوطنت تلك القرية في عهد جده عرابي ، ولما شب وترعرع ، علمه أبوه مبادئ القراءة والكتابة ، وعهد إلى رجل يدعى ميخائيل غطاس كان صرافا في البلد تدريبه على الكتابة والأعمال الحسابية .. ثم أرسله والده إلى الجامع الأزهر لطلب العلم ، فمكث أربع سنوات أتم في خلالها استظهار القرآن الكريم وتلقى شيئا من اللغة والتفسير والفقه .
التحق بالعسكرية في العام 1854 جنديا بسيطا وعين كاتبا لأنه كان يجيد القراءة والحساب . وفي عام 1858 رقي إلى رتبة ضابط .. وتسلسل في الرتب العسكرية إلى أن أصبح برتبة قائم مقام في العام 1860 م .

بداية الثورة

كان لخطبة ألقاها سعيد باشا في (قصر النيل ) أثرها البالغ في نفس عرابي .. إذ كان حديث سعيد عن المصريين وقوميتهم وأنهم ظلموا واستعبدوا من قبل الغير من الأجانب .. وقد قال عرابي في هذا الصدد " أنه لما انتهى سعيد باشا من إلقائها –الخطبة – خرج المدعوون من الأمراء والعظماء غاضبين حانقين .. وقد دهشوا مما سمعوا … أما المصريون فخرجوا ووجوههم تتهلل فرحا واستبشارا ، وقال : أنه اعتبر هذه الخطبة أول حجر في أساس مبدأ مصر للمصريين .
أسباب الثورة العرابية:
كان للثورة أسباب عدة ومتشعبة .. أهمها تذمر الضباط والجنود المصريين من المعاملة السيئة التي كانوا يلقونها على أيدي رؤسائهم من غير المصريين . وكانت العدالة معطلة والقضاة مسخرين يستعملهم الحاكم للتنكيل بالعناصر الوطنية ، لنفيهم خارج البلاد واستباحت رقابهم وحرياتهم دون حسيب أو رقيب .وكان هناك تعطيل للصحف الوطنية ، ولمجلس شورى النواب ، إضافة إلى حجم الضرائب الفاحش والذي كان يقع على كاهل المواطن البسيط لتسديد ديون الدولة .
وإلى جانب هذه الأوضاع التي تعد كافية لتكون الشرارة التي تشعل الثورة .. كان المجتمع المصري مهيئا فكريا لتحطيم سلاسله بسبب انتشار التعليم منذ عهد محمد على .. إضافة إلى مساهمة الشعراء والأدباء والصحفيون في بلورة حس الشعب الوطني والثوري وبث روح العزة والمقاومة ك جمال الدين الأفغاني على سبيل المثال .


مطالب الثورة


كان ضباط الجيش يتطلعون إلى رجل منهم يتولى زعامتهم وتوحيد كلمتهم للمطالبة بحقوقهم المشروعة . فوجدوا في عرابي ذلك الزعيم .. حيث توفرت فيه صفات الزعامة ، فقد كان ذو شخصية جذابة تؤثر فيمن حوله وتجذبهم إليه ، وكانت أقواله تقع من نفوس الضباط والسامعين موقع الإقناع . وهذا مظهر لقوة شخصيته .
ويمكن تحديد سنة 1881 لبدء زعامته العسكرية على معظم ضباط الجيش .. في هذه السنة كان عثمان رفقي يتولى وزارة الحربية ، وكان وحده من أسباب ظهور الثورة العرابية وآخر ما وقع منه .. أنه أصدر أمرا عبدا لعال حلمي إلى ديوان الجهادية وجعله معاونا بها – وهذا تقليل من شأنه – بعد أن كان قائدا ل آلاي طره . كما أصدر أمرا آخر بفصل عبدا لغفار بك قائم مقام آلاي الفرسان وعين شركسيا بدلا عنه !! وكان لذلك الأمر أثره السيئ على الضباط العرب الذين اجتمعوا بأحمد عرابي في بيته وعينوه رئيسا لهم للمطالبة بحقوق الضباط الوطنيين .. واتفقوا على كتابة طلب إلى رياض باشا يطالبونه بعزل وزير الحربية عثمان رفقي باشا .
قدم عرابي وعبدالعال- من أعوانه – ذلك الطلب الذي يضم الشكوى إلى وزارة الداخلية في 17يناير 1881 م فطلب رياض باشا مقابلة الضباط الذين سلموا هذه العريضة . فحضر إليه في اليوم التالي عرابي وعبدا لعال حلمي وعلى فهمي . وقد تبادل معهم رياض باشا بعض الاستفسارات ، ثم طيّب خاطرهم ووعدهم بأن ينظر بالأمر .وعندما عادوا إليه بعد أسبوع للنظر فيما تم وجدوه غاضبا وهددهم من عاقبة تلك العريضة .
أمر الخديوي بوقف الضباط الثلاث بحالتهم إلى مجلس عسكري .. وعلى أثر ذلك الأمر أرسل ناظر الجهادية بطاقات دعوة إلى عرابي ورفيقيه .. يدعوهم فيها إلى الحضور للمشاركة في احتفال جميلة هانم أخت الخديوي بمناسبة زفافها .. وكانت تلك حركة ذكية لاستدراجهم .. لمعرفة الجميع بشأن الظافر الضباط من العرب الأحرار مع عرابي ورفيقيه .
كانت تلك الدعوة مثيرة للريبة والشكك من قبل الضباط الثلاث .. مما جعلهم يشعرون بالخديعة وإن خادعاهم إلى ذلك – كما يقول عرابي – أن زمن الزفاف المحكي عنه لم يحن بعد ، فكانت هذه الحيلة سابقة لأوانها . وقد حدث ما كان متوقعا .. فقد ألقى القبض عليهم حال وصولهم وعرضوا على مجلس عسكري لمحاكمتهم إلا أن تدخل مؤيدي ومناصري عرابي عسكريا بقيادة محمد عبيد كان له أثره في إطلاق سراحه وزميليه .. وأدى الأمر إلى هروب أعضاء المجلس وحدوث بلبلة كبرى في صفوف العسكريين من غير المصريين . وقد أنتهي الأمر بإقالة رفقي وتعيين محمود سامي البارود وزيرا للحربية بطلب من عرابي ورفيقيه .
وفي يوم 12 فبراير استدعى الخديوي جميع الضباط الكبار من رتبة أل بكباشي إلى رتبة الفريق إلى اجتماع بسراي عابدين حضره أيضا محمود سامي وألقى خطابا عن محبته للجنود والاهتمام بأمورهم منذ توليه الحكم وأنه رغم تأثره من هذه الحادثة إلا أنه قد عفا ولم يبق في قلبه شيئا من آثارها .


أراد عرابي أن يجني ثمرة هذا الانتصار فتقدم مع زميليه إلى ديوان الجهادية بناء على رأي الآلات بالمطالب الآتية :
أولا- صرف النقود بدل التعيينات التي كانت تؤخذ من مخازن الجيش .. حفاظا على حقوق الجنود .
ثانيا- عدم استقطاع مرتبات الجنود .. في مدة إجازاتهم الطبيعية ما لم تتعدى ثلاثين يوما .
ثالثا – أن يؤخذ من الضباط والجنود نصف الأجرة في ركوب السكة الحديدية .
رابعا – صرف أثمان الملابس لإيقاف التلاعب في ورشة الترزية .
خامسا – سن قانون في الجيش خاص بالترقي .
سادسا – زيادة مرتبات جميع الضباط والجنود .
سابعا – سن قوانين شاملة للترقي والتقاعد والمكافآت والإجازات
ثامنا –إعادة أحمد بك عبدا لغفار قائمقام الفرسان إلى منصبه ، بعد فصله من قبل عثمان رفقي .


موقف الحكومة

تأثرت هيبة الخديوي من جراء ما حدث وبدأ يبيت النية لمعاقبة عرابي والثوار .,. فكان أن اتجه إلى الدسائس .. حيث ظهر في صفوف العسكريين من حاول العصيان والتمرد وإحداث الفرقة .
وفي شهر يوليو وبينما كان الخديوي ينعم بالراحة في الاسكندرية .. دهمت عربة أحد الجنود فقتلته وفر قائدها اليوناني .. فحمل زملائه جثمانه إلى قصر الخديوي لعرض الأمر عليه .. فغضب الخديوي لهذا الأمر وأمر بمحاكمة الجنود الذين أتو بجثة رفيقهم عسكريا ..فأدينوا وتعرضوا لأحكام قاسية . غير أن البعض قد استكبر أمر المحاكمة كعبد العال حلمي الذي احتج أمام وزارة الحربية على ذلك .. مما أثار غضب الخديوي الذي اتهم الجيش بالفوضى وأصدر أمره بعزل محمود سامي البارودي .. مع إخطار عرابي .. وتعيين صهره داود باشا خلفا له .
بدأ الخديوي عن طريق داود باشا ينفذ خططه للقضاء على الحركة العرابية ..فقد أصدر داود يكن أوامره المشددة بمنع اجتماعات الضباط أو تركهم لمراكزهم العسكرية في الثكنات في أي وقت .. كما أمر بمنع تدخلهم في الأمور السياسية أو حتى التشاور والتناقش فيها ، كما حاول بكل الوسائل أن يقيد حرية الضباط الوطنيين وخاصة عرابي وعبدالعال حلمي وأحمد عبد الغفار .. ففرض عليهم رقابة شديدة من جواسيس الخديوي لتمنع اتصالهم بعضهم ببعض كما تمنع اتصالهم بالشعب لبث الدعوة الوطنية . كذلك هدد باعتقال كل من يخالف هذه الإجراءات ومعاقبته .
كانت تلك الإجراءات ترمي إلى الحد من نشاط عرابي والضباط الوطنيين وبالتالي يقضى تدريجيا على الحركة الوطنية . وقد كان من ضمن خطط داود للقضاء على الثورة نقل فرق الجيش الموالية لعرابي خارج القاهرة .. فقد أصدر أمره إلى إحدى فرق الجيش بالانتقال إلى الاسكندرية .. ولكن الضباط الوطنيين فطنوا إلى ان هناك مؤامرة من خلف ذلك الأمر .. فأجمعوا على رفض الأوامر . ووجد عرابي أن الفرصة قد حانت للقيام بمظاهرة عسكرية احتجاجية كبرى أمام قصر عابدين .
مظاهرة عابدين العسكرية :
في اليوم التاسع من سبتمبر 1881 سار الجيش في عرض عسكري كبير إلى ميدان عابدين حيث احتشدت فرقه المختلفة بأسلحتها وذخيرتها ، كما حضرت فرق المدفعية وذخيرتها .. وكانت قد احتشدت حول الميدان ألآلاف من جماهير الشعب .. وقد امتلأت نفوسها حماسا وحمية مبعثهما جرأة الجيش ورهبة الموقف ، ومما زاد من سوء مركز الخديوي وجعل موقفه حرجا أن الحرس الخاص بالقصر قد ترك مراكزه وأنضم إلى قوات الجيش المحتشدة في الميدان والمحاصرة للقصر.
طالب عرابي الخديوي بتعيين وزارة وطنية يرضى عنها الشعب ، وتأليف مجلس للنواب يمثل الأمة ، وتقوية الجيش وزيادة عدده .. إلا أن الخديوي لم يجبه إلى شيء زاعما أنه ورث هذه البلاد أبا عن جد فرد عرابي بكلماته الشهيرة :
"لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا وعقار . فوالله الذي لا إله هو إننا سوف لانورث ولا نستعبد بعد اليوم ". وقد لمح عرابي للسفير الانجليزي كوكسن الذي شهد الحدث بأنه لن يخضع للتدخل الانجليزي وأنه سيقاومه بكل قوة . وقد بدأ تفكير الجيش بعد ذلك يتجه نحو عزل الخديوي إذا ما استمر في رفض المطالب التي عرضت عليه . ولكنه نزل عند رغبة الجيش وولى شريف باشا رئاسة الوزراء بطلب من عرابي كما عين محمود سامي البارودي وزيرا للحربية .


آثار الثورة


بدأت آثار الثورة العرابية وآثارها تظهر واضحة في شكل الإصلاحات الكثيرة التي قامت بها حكومة شريف الوطنية والتي تمت في وقت قصير .
النهضة القضائية :
ومن هذه الإصلاحات .. تعديل النظام القضائي على أسس جديدة سليمة ، وإنشاء المحاكم الأهلية ، وكفالة حرية القضاء وعدم التدخل في شئونه .
النهضة التعليمية :
حاولت حكومة شريف الوطنية إصلاح التعليم فخصصت له ميزانية كبيرة وأنشأت المدارس في مختلف أطراف البلاد وخاصة النائية منها . وتم تعميم التعليم الابتدائي في جميع أنحاء القطر المصري .
النهضة النيابية :
وقد كان قيام النظام الدستوري في مصر وإنشاء مجلس النواب من أهم آثار الثورة العرابية .


كفاح الشعب ضد التدخل الأجنبي :
كان لمجلس النواب دوره الفاعل حين أصر أعضاءه على مناقشة الميزانية والإشراف عليها .. رغم تحفظ شريف تجاه هذا الأمر لأسباب سياسية ، وبعد مناقشات عدة .. قرر النواب بالجماع أن له سلطة الرقابة التامة على الميزانية ماعدا ما يختص بأداء الديون الأجنبية .. وكان أن استقال شريف باشا نتيجة الضغط الشعبي من جهة وعدم قدرته على التحرر من ضغط الانجليز ذوي الأطماع الاقتصادية .
النهضة الريفية :
كان أهم عمل لحكومة الثورة العرابية القضاء على السخرة قضاء تاما ، وتحريم ضرب الفلاحين وإلغاء الضرائب المجحفة ، وقيام المشاريع الزراعية التي حسنت من حال الفلاحين وإنتاجهم .
التدخل الأجنبي :
كانت انكلترا تخشى أن يقوم عرابي بعزل الخديوي فيكون ذلك فاتحة لتحريك الأوضاع في المنطقة العربية برمتها .. لذلك فقد نفذ سيمور ، قائـد الأسطول الانجليزي المرابط في ميناء الإسكندرية خطة تقضي باختلاق الذرائع للتدخل عسكريا .
وجه القائد المذكور احتجاجا إلى السلطات المصرية ، جاء فيه أن المصريين يرممون الحصون القديمة المواجهة لأسطوله .. واعتبر أن ذلك بمثابة عدائية لا يسعه السكوت عنها .
الخوف المفتعل من قوة هذه الحصون ، لم يكن سوى ذريعة للبدء بضرب الإسكندرية .. ووجه سيمور ثلاث مذكرات يطلب فيها وقف العمل في الحصون ، وأجيب على أولى مذكراته بأن العمل موقوف فيها ، وأنه ليس هناك من نية لتطويرها أو تحسينها .
لكن سيمور سرعان ما أمر قواته بضرب الحصون وذلك في الساعة السابعة من صباح يوم الثلاثاء الحادي عشر من يوليو سنة 1882 ، وانصبت مدافع الأسطول الانجليزي تزرع الموت والدمار في الحصون وفي الأحياء السكنية ، لاتميز بين موقع عسكري ومنطقة مدنية . واستمر الجنود المصريون بالمقاومة اليائسة حتى تهدمت الحصون وتعطلت المدافع بفعل القصف المعادي المركز ، واستمرت الحالة على هذا المنوال حتى السادسة من مساء ذلك اليوم .


حصيلة الثورة


كانت الحصيلة .. ألفي قتيل مصري وخمسة قتلى فرنسيين .. ودمار .
أخلى المصريون المدينة يوم 12 يوليو وغادرها القائد عرابي مساء اليوم نفسه ، قاصدا كفر الدوار لقيادة الجيش من هناك .. وأنشأ الاستحكامات التي اتخذها الجيش المصري معسكرا له ( معسكر كفر الدوار ) .
في صباح 13 يوليو .. نزل الجيش الانجليزي إلى أرض الإسكندرية .
موقف تركيا :
كان موقف تركيا منذ شبت الثورة العرابية منطويا على سوء نية .. فقد أرادت أن تتخذ من هذه الثورة فرصة لاسترداد امتيازات الاستقلال الذي نالته مصر . وكانت متذبذبة في تأييدها فتارة مع الخديوي وتارة مع العرابيين .
خلال الغزو كانت المفاوضات تجري بالأستانة مابين اللورد دفرين سفيلر انجلترا هناك والباب العالي .. للاتفاق على إرسال جيش عثماني إلى مصر .. وكانت قصد انجلترا من تلك المفاوضات اطالت الوقت لتعطيل ذهاب الجيش العثماني ولقمع الثورة .. وقد تذرعت إلى إطالة المفاوضات باشتراطها شروطا عدة هي :
ألا يتجاوز الجيش العثماني خمسة أو ستة آلاف جندي .
عدم دخول الجيش عن طريق البر .. أو ميناء الاسكندرية .
عرض خططه الحربية على القيادة الانجليزية .
التعهد بالانسحاب إذا ما جلى الجيش الانجليزي .
وقد رفضت الحكومة التركية تلك الشروط .. وكان ذلك سببا في تعطيل إرسال جيشها . وفي غضون ذلك طلب اللورد دفرين من سعيد باشا الصدر الأعظم أن يعلن السلطان عصيان عرابي وأن يقترن هذا الإعلان بالاتفاق على اشتراك الجيشين في مصر . ولكن عرابي تعرض لهزيمة في مصر في واقعة التل الكبير مما جعل لورد دفرين يسارع بإبلاغ الباب العالي بهزيمة العرابيين وأنه لم يعد ثمة موجب لإرسال جيش عثماني لأن الجيش الانجليزي قد انتهى من مهمة إخماد الثورة .
كان عرابي يعتقد بأن السلطان العثماني يوافقه على كفاحه ضد الخديوي والاستعمار ، إلا أن الموقف كان عكس ذلك .. فقد أصدر السلطان بيانا وزع كمنشور في صفوف المصريين يتهم فيه عرابي بأنه خارج عن طاعة الله ونبيه وخليفته على الأرض .. مما أضعف الحال وزاد الأمور سوء في الكفة العرابية .
عندما عاد عرابي إلى القاهرة .. وجد أنه من العسير الدفاع عن القاهرة بألف جندي فقط … ! ورأى هو وصحبه بالخضوع والتسليم إلى الخديوي وحرروا وثيقة بذلك حملت تواقيعهم جميعا .
اعتقل زعماء الثورة العرابية .. والكثير من الضباط .. وحوكموا محاكمة عسكرية بتهمة عصيان الخديوي .. فكان الحكم على عرابي بالإعدام .. ثم خفف إلى النفي والمؤبد .. وكان ذلك الحكم دارجا على كل صحبه من رفاق الثورة .
أقام عرابي وستة من رفاقه في جزيرة سيلان وكانت حياتهم في المنفى حياة بؤس وحزن وشقاء .. إذ انقطعت صلتهم بالناس وطال اغترابهم عن الوطن وقد قال البارودي في ذلك شعرا :


محا البين ما أبقت عيون المها مني
فشبت ولم أقض اللبانة من سني
عناء ويأس واشتيــاق وغربة
ألا شد ما ألقاه في الدهر من غبن .


في عام 1901 صدر عفو من الخديوي عن عرابي .. فعاد ليقضي عشرة سنوات في وطنه قبل أن يلقى ربه في 21سبتمبر من عام 1911 . وكانت عودته بواسطة الانجليز وادلاؤه بعد رجوعه بتصريحات فيها تأييد للاحتلال وسياسته .. ! سببا في استقبال الأمة له بالفتور والسخط في بلده .


ثورة 1919

مقدمات الثورة




بدأت مقدمات الثورة حين فكر الزعيم سعد زغلول في تأليف وفد مصري للدفاع عن قضية مصر سنة 1918م حيث دعا أصحابه للتحدث فيما كان ينبغي عمله للبحث في المسألة المصرية بعد الهدنة “بعد الحرب العالمية الأولى” عام 1918 ، وتم تشكل الوفد المصري الذي ضم سعد زغلول ومصطفى النحاس ومكرم عبيد وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وأحمد لطفي السيد وآخرين.. وأطلقوا على أنفسهم “الوفد المصري”.
قام الوفد بجمع توقيعات من أصحاب الشأن في كل المدن والقرى والنجوع وذلك بقصد إثبات صفتهم التمثيلية وجاء في الصيغة: “نحن الموقعين على هذا قد أنبنا عنا حضرات: سعد زغلول و.. في أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعي سبيلاً في استقلال مصر تطبيقاً لمبادئ الحرية والعدل التي تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى” ، ثم اعتقل سعد زغلول ونفي إلى جزيرة مالطة بالبحر المتوسط هو ومجموعة من رفاقه في 8 مارس 1919م فانفجرت ثورة 1919م.
أحداث الثورة في اليوم التالي لاعتقال الزعيم سعد زغلول وأعضاء الوفد يوم 9 مارس ، أشعل طلبة جامعة القاهرة شرارة التظاهرات. وفي غضون يومين، امتد نطاق الاحتجاجات ليشمل جميع الطلبة بما فيهم طلبة الأزهر. وبعد أيام قليلة كانت الثورة قد اندلعت في جميع الأنحاء من قرى ومدن.
ففي القاهرة قام عمال الترام بإضراب بدء يوم 11 مارس مطالبين بزيادة الأجور وتخفيض ساعات العمل وغيرها ، وتم شل حركة الترام شللا كاملا ، تلا ذلك إضراب عمال عنابر السكك الحديدية يوم 15 مارس ، والذي جاء عقب قيام السلطات البريطانية بإلحاق بعض الجنود للتدريب بورش العنابر في بولاق للحلول محل العمال المصريين في حالة إضرابهم، مما عجّل بقرار العمال بالمشاركة في الأحداث.
ولم يكتف هؤلاء بإعلان الإضراب، بل قاموا بإتلاف محولات حركة القطارات وابتكروا عملية قطع خطوط السكك الحديدية – التي أخذها عنهم الفلاحون وأصبحت أهم أسلحة الثورة واستمر إضراب عمال العنابر حتى أواخر إبريل.
وأضرب سائقو التاكسي وعمال البريد والكهرباء والجمارك ، تلا ذلك إضراب عمال المطابع وعمال الفنارات والورش الحكومية ومصلحة الجمارك بالإسكندرية.كما اضرب المحامون في 2 إبريل وانضم موظفي الحكومة للإضراب في نفس اليوم 2 ابريل.
ولم تتوقف احتجاجات المدن على التظاهرات وإضرابات العمال، بل قام السكان في الأحياء الفقيرة بحفر الخنادق لمواجهة القوات البريطانية وقوات الشرطة، وقامت الجماهير بالاعتداء على بعض المحلات التجارية وممتلكات الأجانب وتدمير مركبات الترام.
شارك النساء بفاعلية في الثورة وقاموا بمظاهرات كبري منها واحدة يوم 16 مارس واخري يوم 20 مارس.
في حين قامت جماعات الفلاحين بقطع خطوط السكك الحديدية في قرى ومدن الوجهين القبلي والبحري، ومهاجمة أقسام البوليس في المدن. ففي منيا القمح أغار الفلاحون من القرى المجاورة على مركز الشرطة وأطلقوا سراح المعتقلين ، وفي دمنهور قام الأهالي بالتظاهر وضرب رئيس المدينة بالأحذية وكادوا يقتلونه عندما وجه لهم الإهانات.
وفي الفيوم هاجم البدو القوات البريطانية وقوات الشرطة عندما اعتدت هذه القوات على المتظاهرين. وفي أسيوط قام الأهالي بالهجوم على قسم البوليس والاستيلاء على السلاح، ولم يفلح قصف المدينة بطائراتين في إجبارهم على التراجع ، أما في دير مواس بالقرب من أسيوط، هاجم الفلاحون قطارا للجنود الإنجليز ودارت معارك طاحنة بين الجانبين.
وعندما أرسل الإنجليز سفينة مسلحة إلى أسيوط، هبط مئات الفلاحين إلى النيل مسلحين بالبنادق القديمة للاستيلاء على السفينة. وعلي الجانب الأخر كان رد فعل القوات البريطانية من أفظع أعمال العنف الذي لاقاه المصريون في التاريخ الحديث، فمنذ الأيام الأولى كانت القوات البريطانية هي أول من أوقع الشهداء بين صفوف الطلبة أثناء المظاهرات السلمية في بداية الثورة.
وعقب انتشار قطع خطوط السكك الحديد، أصدرت السلطات بيانات تهدد بإعدام كل من يساهم في ذلك، وبحرق القرى المجاورة للخطوط التي يتم قطعها. وتم تشكيل العديد من المحاكم العسكرية لمحاكمة المشاركين في الثورة. ولم تتردد قوات الأمن في حصد الأرواح بشكل لم يختلف أحيانا عن المذابح، كما حدث في الفيوم عندما تم قتل أربعمائة من البدو في يوم واحد على أيدي القوات البريطانية وقوات الشرطة المصرية. ولم تتردد القوات البريطانية في تنفيذ تهديداتها ضد القرى، كما حدث في قرى العزيزية والبدرشين والشوبك وغيرها، حيث أُحرقت هذه القرى ونُهبت ممتلكات الفلاحين، وتم قتل وجلد الفلاحين واغتصاب عدد من النساء.
هكذا كان الإضراب العام في عام 1919 والذي شل الحياة وحركة النقل بين المدن وكذلك داخل المدن من خلال إضراب (عمال عنابر السكك الحديدية وعمال الترام وسائقي التاكسيات) واستمرارهم في الإضراب وكذلك الموظفين والطلبة. وانضمام الفلاحين للثورة وقطع خطوط السكك الحديدية.
نهاية الثورة

أمام الإضراب العام الذي شل الحركة في مصر اضطرت إنجلترا إلي عزل الحاكم البريطاني والأفرج عن سعد زغلول وزملائه وعودتهم من المنفي إلي مصرفي 7 ابريل عام 1919. وسمحت إنجلترا للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلي مؤتمر الصلح في باريس، ليعرض عليه قضية استقلال مصر.
بدا الإضراب العام في 11 مارس وانتهي في 25 ابريل أي استمر 44 يوم حيث بدا بإضراب عمال الترام ثم إضراب عمال العنابر والموظفين وانضمام باقي فئات الشعب.بل لقد استمرت إضرابات الطلبة بعد انتهاء الإضرابات العمالية ولم يتوقف الإضراب بعد الأفراج عن سعد ورفاقه.
كانت هناك نقابات لعمال الترام وعمال العنابر ولكن لم توجد نقابة للموظفين العموميين فكونوا لجنة سميت ( لجنة موظفي وزارات ومصالح الحكومة ومصالحها) والتي عاودت الإضراب اعتباراً من يوم 12 ابريل.
يوم 16 ابريل اضرب التجار وأصحاب المهن والحرف الحرة لتأييد إضراب الموظفين وأصدرت السلطة الانجليزية قرار باعتقال كل من يؤيد إضراب الموظفين ولكن الموظفين لم يعودوا للعمل إلا بعد إقالة وزارة رشدي باشا.وهكذا شكل تضامن مختلف الفئات مع مطالب الموظفين شكل راقي من أشكال التضامن نفتقده الآن.
دروس الإضراب العام في ثورة 1919

أهم دروس الثورة هي:

ـ وجود حركة عمالية نشطة استطاعت القيام بإضرابات كبري في الترام والسكة الحديد ومختلف القطاعات الأخرى.
ـ لم يكتفي العمال والموظفين بالمطالبة بالإفراج عن سعد زغلول ورفاقهبل ربطوا ذلك بمطالبهم الاقتصادية وتحسين أوضاعهم وقدموا قائمة كاملةبمطالبهم.
ـ كان يوجد حوالي 38 نقابة مستقلة في القاهرة و32 نقابة في الإسكندرية الآن لا يوجد نقابة حرة سوي نقابة الضرائب العقارية.
ـ كان للنساء دور حاسم في نجاح الإضراب العام من خلال المظاهرات النسائية الكبرى.
ـ انتشار جغرافي حقيقي في مختلف مدن وقري مصر تعكسه المحاكمات التي تمتفي أعقاب الثورة في ديرمواس وأسيوط والوسطي وصنبو وملوي والمنيا ورشيدوفاقوس وقليوب والغربية وبني سويف .
ـ شارك الطلاب بدور كبير في الاضراب من خلال الاتحادات الطلابية واللجان الوطنية.
ـ شارك الفلاحين كعنصر فاعل في نجاح الإضراب العام وبشكل متميز في تاريخ مصر الحديث.
ـ موظفي الحكومة لم تكن لديهم نقابة ولكنهم شكلوا لجنة للدفاع عن مصالحهم بما يعكس مرونة أشكال تنظيم الحركة.
ـ حقق الإضراب أهم أهدافه وهو الإفراج عن سعد زغلول ورفاقه إضافة لتحقيق عدد من المطالب الاقتصادية الهامة.
ـ عدم الخضوع لتهديدات اللورد اللنبي وسقوط الشهداء واستمرار الإضراب.
لذلك علينا قبل أن نفكر أو ندعوا للإضراب العام أن نوفر متطلبات نجاحه ومنها:
ـ وجود زعامات حقيقية تلتف حولها الأمة ويمكن أن تمثل بديل للنظام القائم.
ـ انتظام الشعب في أحزاب ونقابات ولجان وحركات احتجاجية.
ـ وجود مطالب عامة للإضراب ومطالب فئوية وقطاعية.
ـ الانتشار الجغرافي الواسع.
ـ وجود حركة نقابية وعمالية نشطة.
ـ التفاف مختلف القطاعات المبلورة في أشكال منظمة للإضراب




ثورة 23 يوليو 1952

نبذه عن ثورة يوليو

احتار الناس فى تكييف وتوصيف ما حدث فى ليلة 23 يوليو.. فقال بعضهم إنها ثورة. ولكن أصحاب هذه الليلة استنكروا ذلك بشدة وأوعزوا إلى الصحف بعدم استعمالها. وقال آخرون إنها انقلاب عسكرى، ولكن هذا ضايق ضباط يوليو وغضبوا على من استخدمه حتى اهتدوا إلى تعبير "حركة" وجاءهم ابن الحلال بصفة "المباركة" فارتاحوا وأصبحت فى الأيام الأولى لها "الحركة المباركة".

فقد عانى الشعب المصري من الظلم والاستعباد وفقدان العدالة الاجتماعية وكانت الفجوة شاسعة للغاية بين طبقات المجتمع مما اثر بشكل سلبي على العلاقات بينها

التفاوت الطبقى

وكانت الغالبية العظمى من المصريين يشعرون بالمهانة حينما يلتحقون بالجيش ليس لانهم لا يرغبون في اداء واجبهم الوطني بل لان هذا الواجب كان يقتصر على الفقراء وحدهم دون الاغنياء القادرين على دفع البديلة كمقابل اعفائهم ثم سيطرة حفنة قليلة من كبار الاقطاعيين على الارض الزراعية في مصر وعانى الفلاحون من سطوتهم فكان الاقطاعيون يملكون الارض ومن عليها

واقتصر التعليم على الاغنياء في ظل نظام فاسد يتولاه الملك فاروق وحاشيته الفاسدة التي كانت تنفق ببذخ شديد على حفلاته وهنا وفي ظل جشع الملك وحاشيته وفساد الحكم والاحزاب وفضيحة الاسلحة الفاسدة وحريق القاهرة وقمع المظاهرات الطلابية التي تطالب بالاستقلال انطلق الضباط الاحرار تملؤهم القوة والشجاعة وحب الوطن لياخذوا بيد الشعب من عصر الظلم الى ثورة وطنية …

وكانت ليلة الثالث والعشرون من يوليو تموز سنة اثنان وخمسين وتسعمائة والف انطلق الضابط الاحرار ليعلنوا للشعب انتهاء فترة الاستعباد وبداية لعصر جديد مشرق في تاريخ مصر والعرب والشرق الاوسط بل ودول العالم الثالث وانتصرت ارادة الشعب الذي التف حول الضباط الاحرار لنبذ الظلم وليؤكدوا للشعوب العربية من الخليج الى المحيط ان قوتهم في توحدهم ليجمعوا الهمم نحو استعادة الحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية


اسباب قيام الثورة



استمرار الملك فاروق في تجاهله للاغلبية واعتماده على احزاب الاقلية

قيام اضطرابات داخلية وصراع دموي بين الاخوان المسلمين وحكومتي النقراشي وعبد الهادي

قيام حرب فلسطين وتوريط الملك للبلاد فيها دون استعداد مناسب ثم الهزيمة

عرضت قضية جلاء القوات البريطانية على هيئة الامم المتحدة ولم يصدر مجلس الامن قرارا لصالح مصر

تقليص حجم وحدات الجيش الوطني بعد فرض الحماية البريطانية على مصر وارسال معظم قواته الى السودان بحجة المساهمة في اخماد ثورة المهدي

اغلاق المدارس البحرية والحربية

سوء الحالة الاقتصادية في مصر

الظلم وفقدان العدالة الاجتماعية بين طبقات الشعب وسوء توزيع الملكية وثروات الوطن

سفاهة حكم الملك فاروق وحاشيته في الانفاق والبذخ على القصر وترك الشعب يعاني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر
Anonymous



    ثورات  المصريين Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورات المصريين       ثورات  المصريين Emptyالأربعاء 11 يوليو 2012 - 9:49


مميزات ثورة يوليو



ثورة بيضاء لم ترق فيها الدماء


تنفرد ثورة يوليو بين جميع الحركات العسكرية التي حدثت في المنطقة بان تاريخ انتصارها مازال اليوم القومي لمصر


قيام الثورة بجيل جديد من الضباط والشبان بقيادة جمال عبد الناصر وكان امرا جديدا في عالم الانقلابات العسكرية التي كان يقوم بها عادة قادة الجيوش واصحاب الرتب الكبيرة


كان تشكيل الضباط الاحرار ذا طبيعة خاصة لا تنفرد باتجاه معين ولا تنتمي لحزب سياسي واحد فلقد كانوا من مختلف الاتجاهات السياسية

اكتساب الثورة تاييد شعبي جارف من ملايين الفلاحين وطبقات الشعب العاملة الذين كانوا يعيشون حياة تتسم بالمرارة والمعاناة

اتخاذ قرار حل الاحزاب والغاء دستور 1923 بعد ستة اشهر من قيام الحركة والالتزام بفترة انتقال محددة هي ثلاث سنوات يقوم بعدها نظام جمهوري جديد


تميزت الثورة بالمرونة وعدم الجمود في سياستها الداخلية لصالح الدولة حيث لم تجمد سياسة الثورة الخارجية في مواجهة الاستعمار بعد رفض امريكا امدادها بالسلاح وسحب عرضها في بناء السد العالي واتجهت الثورة الى اطراف اخرى من اجل تنفيذ المشروعات القومية


انها الاكثر اهمية في تاريخ مصر المعاصر فمازالت اطروحاتها تسهم في الجل الفكري الدائر في مصر والوطن العربي لانها كانت بداية لمشروع قومي حضاري لا يزال مستمرا


خطة ثورة يوليو

كانت الاخبار قد وصلت الى جمال عبد الناصر بنية القصر بالقبض على 13 من الضباط المنتمين للتنظيم والاتجاه لتعيين حسين سري وزيرا للحربية فاجتمع مجلس قيادة حركة الجيش او ثورة الثالث والعشرين من يوليو كما سميت فيما بعد لاقرار الخطة التي وضعها زكريا محي الدين بتكليف من جمال عبد الناصر ومعاونه عبد الحكيم عامر حيث تقوم الكتيبة 13 بقيادة احمد شوقي المكلف بالسيطرة على قيادة القوات المسلحة في سرية كاملة وقرروا ان تكون ساعة الصفر –الساعة الواحدة -ليلة الاربعاء 23 يوليو 1952واتفق الضباط ايضا على ان يكون مركز نشوب الثورة في منطقة ثكنات الجيش من نهاية شارع العباسية الى مصر الجديدة واتفقوا على الترتيبات الاخيرة

غير ان خطا في ابلاغ يوسف صديق قائد ثان الكتيبة 13 بساعة الصفر تسبب في نجاح الثورة حيث تحرك صديق بقواته في الساعة الحادية عشرة واستطاع السيطرة على مجلس قيادة القوات المسلحة في كوبري القبة واعتقال كل من قابلهم في الطريق من رتبة قائم مقام فما فوق كما كانت تقضي الخطة ومراكز القيادة بالعباسية والاستيلاء على مبنى الاذاعة والمرافق الحيوية بالقاهرة واعتقال الوزراء.

وانطلق صوت انور السادات يلقي البيان الاول من اللواء محمد نجيب الى الشعب المصري ونصه:

( اجتازت مصر فترة عصبية في تاريخها الاخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم وقد كان لكل هذه العوامل تاثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون المغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين واما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتامر الخونة على الجيش وتولى امرهم اما جاهل او خائن او فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير انفسنا وتولى امرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم ولابد ان مصر كلها ستلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب اما عن راينا في اعتقال رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب واني اؤكد للجيش المصري ان الجيش كله اصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجردا من اية غاية وانتهز هذه الفرصة واطلب من الشعب الا يسمح لاحد من الخونه بان يلجا لاعمال التخريب او العنف لان هذا ليس في صالح مصر وان أي عمل من هذا القبيل يقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقي فاعله جزاء الخائن في الحال وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاونا مع البوليس واني اطمئن اخواننا الاجانب على مصالحهم وارواحهم واموالهم ويعتبر الجيش نفسه مسئولا عنهم والله ولي التوفيق اللواء اركان حرب محمد نجيب )

وتم تكليف علي ماهر باشا بتشكيل الوزارة بعد اقالة وزارة الهلالي باشا التي لم يكن قد مضى على تشكيلها يوم واحد ثم قام الثوار صباح الثالث والعشرين بالاتصال بالسفير الامريكي لابلاغ رسالة الى القوات البريطانية بان الثورة شان داخلي وكان واضحا في البيان الاول للثورة التاكيد على حماية ممتلكات الاجانب لضمان عدم تدخل القوات البريطانية الى جانب القصر ثم واصل الثوار بعد ذلك اتخاذ خطواتهم نحو السيطرة على الحكم وطرد الملك واجبروه على التنازل عن العرش الى ولي عهده ابنه الرضيع احمد فؤاد وقد تم ترحيل الملك واسرته الى ايطاليا على متن اليخت المحروسة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر
Anonymous



    ثورات  المصريين Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورات المصريين       ثورات  المصريين Emptyالأربعاء 11 يوليو 2012 - 9:55

للمزيد عن الثورات المصريه

تاريخ الثورات في مصر القديمة

مرت مصر على مدى تاريخھا الطويل، بعدد كبير من الثورات . منھا، حركات تمرد بداخل البلاط الملكى، وانقلابات عسكرية فى إطار الجيش، تمخضت عنھا بعض الأسرات الجديدة. ولكن، لم يكن الشعب المصرى يرى أن مثل ھذا الحدث الأخير ذا تأثير أو استتباعات على مصيره، لأن الأمر، لم يكن يعدو أن يكون بالنسبة له سوى عملية تغيير للملوك الواحد بعد الآخر . ومع ذلك، فقد عرفت مصر ثورة اجتماعية فعلية بكل معنى الكلمة: تلك التى أسدلت الستار على "الدولة القديمة".

ففى أواخر عھد الفرعون "بيبى الثانى " المديد، الذى اختتم ملوك الأسرة السادسة، لوحظ أن قوة ونفوذ السلطة الملكية قد تضاءلت وانكمشت إلى حد ما؛ بل وتمكن حكام مصر العليا من الاستقلال والتحرر من سطوة الفرعون . وعندئذ، تفجرت ثورة شعبية فائقة العنف
والضراوة. وكانت موجھة بصفة خاصة نحو طبقة النبلاء والفرعون. وربما نلاحظ ان الوثائق الرسمية، قد لزمت الصمت التام فيما يتعلق بتلك الأحداث . ومع ذلك، فإن الثقافة والآداب المعاصرة لتلك الثورة أو اللاحقة لھا مباشرة، قد فاضت وأفاضت بأصداءھا المفعمة بالإيماءات والمغزى؛ كمثل : "لقد سادت الفوضى والتبلبل كافة أنحاء مصر .. فلم يعد ھناك مكان للقانون !.. ووجد الفساد والشر مقرا مناسبا فى نطاق "المجالس الرسمية " (أقوال "عنخو ")؛ أو: "لقد وقعت أمور لم نعھدھا أو نمر بھا من قبل: (..) وأخذ البعض يصنعون رماح وحراب من النحاس للصراع والمقاتلة من أجل لقمة العيش" (حكم نفرروھو). ومن خلال بعض عبارات التحذير والتنبيه التى أطلقھا أحد الحكماء المصرين، يمكننا أن نطالع "صورة بانورامية " مكتملة تماما عن الثورة : "ھاھى مظاھر الفتنة والتمرد تشوب كافة أنحاء الوطن. ونرى الفلاح، على سبيل المثال وقد تسلح بدرعه .. وتمزقت قوانين "ساحة القضاء والعدالة" وتناثرت فى كل مكان (..)، وأشعلت النيران فى الأبواب والجدران (..)، وتحول الفقراء البائسين إلى أثرياء متخمين. وجرد من كانوا ينعمون بالثراء والفخامة من ثرواتھم وممتلكاتھم (..)، وغدا العبيد أسيادا لعبيد آخرين (..)، وألقى بأبناء النبلاء إلى قارعة الطرقات (..)، أما أولاد الأمراء، فقد تم سحقھم بالجدران؛ وعن الفرعون، فقد أطاح به الغوغاء من فوق عرشه (..)، وسُلبت ونھبت كل ما كانت تحتويه الأھرام من نفائس ودرر نادرة (..). وھا نحن نرى فئات من الطبقات الدنيا تطيح بالملك من فوق عرشه: لقد تجرأوا وتبجحوا إلى درجة التمرد والعصيان فى وجه "الحية" حارسة "رع" وحاميته (..)". ولعلنا نجد أيضا أصداء ھذا الانتھاك والتصدى للجلالة الفرعونية من خلال النص المعنون ب: "حوار مواطن مصرى مع روحه": "عن، من شيدت من أجلھم الأھرام بكل حجراتھا المتعددة (..)، ھؤلاء الذين أصبحوا آلھة (..)، تفتقر موائد قرابينھم إلى أى شئ!

ولا ريب أن ھذا الوقت المشوب بالتعصب ضد الفرعون، قد انعكس أيضا على كل سلالة ملوك "الدولة القديمة". ولذا، كان ذلك : المبرر الواضح، لتدمير توابيت الأھرام والاستيلاء على مومياواتھا؛ بل وإلقاء تماثيل ھؤلاء الملوك فى أعمق أعماق الآبار أو تحطيمھا وتفتيتھا إلى ذرات دقيقة متناھية الصغر.

وربما، أن تلك الثورة، قد افتتحت حقبة الفوضى والاضطرابات المرتبطة "بعصر الانتقال الأول"؛ وأنھا قد استطاعت أن تدمر كافة البنيات الاجتماعية التى كانت قد قامت خلال "الدولة القديمة". فمن المؤكد أن استتباعاتھا وما نجم عنھا من نتائج فى إطار أخلاقيات ومعنويات الشعب المصرى، تعتبر، بدون جدال غير مطابقة لما كانت عليه فى الماضى : فلم تعد فكرة الأبدية الشمسية حكر على الفرعون دون سواه من البشر، أو من يحظون برضاه وكرمه من الأفراد المميزين: بل أضفيت منذ ذاك الحين على كل مواطن مصرى، مھما تدنت طبقته أو أصله .

وربما نلاحظ أن الانقلاب الذى حدث فى المؤسسات السياسية، كان مجرد أمر مرحلى ووقتى . ولكن، ليس ھناك أدنى شك أن اكتساب المفاھيم الجنازية للسمات الشعبية الديمقراطية بين كافة أبناء مصر، قد تجلى بكل وضوح، فيما بعد، على مدى تاريخ مصر القديم كله.




ــــــــــــــــــــــــــــــ
الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونية
تأليف: جى راشيه
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة وتقديم: د.محمود ماھر طه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر
Anonymous



    ثورات  المصريين Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورات المصريين       ثورات  المصريين Emptyالأربعاء 11 يوليو 2012 - 9:58

للمزيد ايضا



القارئ في التاريخ المصري وخاصةً عن عصور الاضمحلال، لا بد أن يتساءل عن حال الشعب في هذه الفترات الطويلة من التاريخ، وسيجد أن الأسباب الحقيقية لاضمحلال هذه العصور هي:

ضعف الحكام

تفشي الظلم

اتساع الهوة بين الطبقات

اتساع نفوذ رجال المال وتدخلهم في السلطة

انهيار الزراعة والصناعة

انتشار المجاعة والفقر والأمراض

هناك نموذجان في حقبتين مختلفين ولكنهما متشابهتان في الأسباب والنتائج؛ حيث أدَّى فيهما انهيار السلطة الحاكمة وتفشي الظلم والاستبداد والفقر والبطالة والمتاجرة بأقوات العباد إلى ثورةٍ اجتماعية قادها الجياع من أبناء الشعب المصري، فمهما تباعدت الأزمان فقد تتكرر المأساة، ولعلنا نستفيد من عبر ودروس الماضي في الحاضر والمستقبل؛ لأنني أثق في عبارة "ما أشبه الليلة بالبارحة".






ثورة الجياع في عصر الملك بيبي الثاني

النموذج الأول كان في نهاية الدولة القديمة في العصر الفرعوني فيحدثنا التاريخ عن بداية انهيار هذه الدولة متمثلة في انهيار الأسرة السادسة، حيث كانت مصر يسيطر عليها ملك ضعيف هو الملك (بيبي الثاني)، الذي اعتلى العرش وعمره ست سنوات ولمدة 94 عامًا، وقد عرفت مصر في عهده الفساد والانحلال والانهيار والانقلابات، والحروب القبلية الأهلية، وتصارع حكام الأقاليم، بينما تقدمت القبائل البدوية من الشرق والغرب تغزو البلاد، وكانت الحكومة المصرية في تلك الأثناء ضعيفة؛ مما حدا بالشعب إلى القيام بثورة اجتماعية.

وكل ما لدينا من معلومات مدونة سجَّلها الحكيم والمؤرخ (إبور) في كتاب (صرخة نبي) ووصف هذا المؤرخ حال مصر للملك بيبي الثاني لعله يتعظ ويعرف ما وصل إليه حال شعبه فيقول له: "إن الناس قد جاعت وماتت من الجوع، ولأن الناس عاجزون عن دفن موتاهم فقد نشطت صناعة الدفن، والعاجزون عن الدفن كانوا يلقون الجثث في النيل حتى أصبحت التماسيح ضخمةً بسبب هذه الجثث.. ولم يعد يُستورد خشب الأرز من لبنان لصناعة التوابيت.. وهجم الناس على قبور الملوك.. وهجموا على طعام الخنازير فلم يعد أحدٌ يجد طعامًا.. وانقلبت الأوضاع في المجتمع.. ولم يعد أحدٌ يضحك.. وحتى الأمهات لم يعدن ينجبن.. والمرأة التي كانت ترتدي الكتان تمشي ممزقةً.. والتي كانت تملك المرايا لم تعد ترى وجهها إلا على سطح الماء، ولم يعد أحد يحترم الكبير ولا العالم ولا رجل الدين ولا أبويه.. وكان الناس يقولون: يا ليتنا متنا قبل هذا، وكانت الأطفال تقول: ولماذا أتوا بنا، واللصوص صاروا أغنياء، ولم يعد أحدٌ منهم في حاجةٍ إلى أن يتزوج، ففي فراشه كثيرات من بنات العائلات الغنية من أجل الطعام والشراب والمأوى، ولا أحد يخاف من رجال الأمن ولا النبلاء ولا الكهنة ولا الأسر المالكة كلها لم يعد لها وجود، إنها تتوارى أو تهرب أو تلقي بنفسها في النيل".

ووصف المؤرخ المصري الكبير سليم حسن هذه الثورة بأنها كالثورة البلشفية تمامًا.



ثورة الجوع... زمن المستنصر الفاطمي

النموذج الثاني كان في زمن الدولة الفاطمية، وبالتحديد في عصر الخليفة المستنصر الفاطمي؛ حيث أُصيبت مصر أيضًا بكارثةٍ ومجاعةٍ كبرى؛ ولذلك عُرفت بالشدة المستنصرية أو الشدة العظمى، وكان سببها اختلال النظام الإداري والفوضى السياسية وتزامن ذلك مع نقص منسوب مياه النيل ليضيف إلى البلاد أزمة عاتية، وامتدت هذه الأزمة لمدة سبع سنوات متصلة من (457هـ/1065م) إلى سنة (464هـ/1071م)، ووُصفت بأنها لم تشهد مصر لها مثيلاً منذ السنوات السبع العجاف في عصر سيدنا يوسف.

وقد أفاض المؤرخون فيما أصاب الناس من جرَّاء هذه المجاعة من تعذر وجود الأقوات وارتفاع الأسعار، فكان رغيف الخبز وحده يُباع بخمسة عشر دينارًا (7.5 جنيهات)، واضطرار الناس إلى أكل الميتة من الكلاب والقطط، والبحث عنها لشرائها، حتى بيع الكلب بخمسة دنانير والقط بثلاثة دنانير، وزاد من خطورتها أنه صاحب هذه المجاعة انتشار الأوبئة والأمراض التي فتكت بالناس حتى قيل: إن ثلث السكان قد ماتوا، ولم يعد يرى في الأسواق أحد، ولم تجد الأرض مَن يزرعها، ونقص عدد القرى في مصر من 3834 إلى 2062، واضطر الميسورون من الناس إلى بيع كل ما عندهم مقابل كسرةٍ من الخبز حتى إن حارةً سُميت بحارة الطبق، إذ بيعت فيها عشرون دارًا مقابل طبقٍ من الدقيق، اشتدت المحنة حتى أكل الناس بعضهم بعضًا حسبما ذكر المؤرخون، وكان الرجل يخطف ابن جاره فيشويه ويأكله، وبلغ من الأزمة أن الخليفة اضطر إلى أن يبيع كل ما في قصره من ثيابٍ وأثاثٍ وسلاح وصار يجلس في قصره على حصير.

وتوالت المساعدات الإنسانية على مصر، فيُذكر أن أهل الأندلس المسلمين أرسلوا إلى المصريين سفنًا مملوءةً بالطعام والغلال لمساعدتهم في محنتهم، وبدورهم أعاد المصريون هذه السفن محملةً بالذخائر الحربية كي يستطيع الأندلسيون الاستعانة بها في كفاحهم ضد الأسبان.

وكان من نتيجة هذه الأزمة العاتية أن أخذت دولة المستنصر بالله في التداعي والسقوط، وخرجت كثير من البلاد عن سلطانه، فقُتل البساسيري في العراق سنة (451هـ/ 1059م) وعادت بغداد إلى الخلافة العباسية، وقُطعت الخُطبة للمستنصر في مكة والمدينة، وخُطب للخليفة العباسي في سنة (462هـ/1070م)، ودخل النورمان صقلية واستولوا عليها، فخرجت عن حكم الفاطميين سنة (463هـ/1071م) بعد أن ظلَّت جزءًا من أملاكهم منذ أن قامت دولتهم، وتداعى حكم الدولة الفاطمية في عهد المستنصر في بلاد الشام.
سيدة تتزعم ثورة

في ظل هذه الأوضاع المأساوية يروي المؤرخ المقريزي في كتابه (إغاثة الأمة في كشف الغمة): وضمن هذه الظروف الصعبة أن سيدةً من نساء القاهرة كانت على شيءٍ من الثراء آلمها صياح أطفالها الصغار وهم يبكون من الجوع فلجأت إلى شكمجية حُليها وأخذت تقلب ما فيها من مجوهرات ومصوغات ثم تتحسر لأنها تمتلك ثروةً طائلةً ولا تستطيع شراء رغيف واحد فاختارت عقدًا ثمينًا من اللؤلؤ تزيد قيمته على ألف دينار، وخرجت تطوف أسواق القاهرة والفسطاط فلا تجد مَن يشتريه، وأخيرًا استطاعت أن تقنع أحد التجار بشرائه مقابل كيسٍ من الدقيق واستأجرت أحد الحمَّالين لنقل الكيس إلى بيتها.

ولكنها لم تكد تخطو بضع خطواتٍ حتى هاجمها جحافل الجياع، فاغتصبوا الدقيق، وعندئذٍ لم تجد مفرًّا من أن تزاحمهم حتى اختطفت لنفسها حفنةً من الدقيق وانطلقت تجري بها حتى وصلت إلى بيتها فعكفت على عجن حفنة الدقيق وصنعت منها قرصةً صغيرةً وخبزتها، وانطلقت إلى الشارع صائحة: الجوع الجوع.. الخبز الخبز، والتفَّ حولها الرجال والنساء والأطفال وسارت معهم إلى قصر الخليفة المستنصر، ووقفت على مكانٍ مرتفعٍ ثم أخرجت القرصة من طيات ثوبها ورفعتها بيديها ولوحت بها وهي تصيح: أيها الناس لتعلموا أن هذه القرصة كلفتني ألف دينار، فادعوا معي لمولاي السلطان المستنصر الذي أسعد الله الناس بأيامه، وأعاد عليهم بركات حسن نظره حتى تقومت عليَّ هذه القرصة بألف دينار.

فلما سمع المستنصر الصارخ أطلَّ من شرفته، وعلم بما حدث، فاشتدَّ به الجزع لما أصاب الرعية، وامتعض له أشد الامتعاض، مما دفعه أن يفعل شيئًا، فأرسل يستدعي والي القاهرة، وشدد عليه بأن يتخذ التدابير الحاسمة لكي تخرج الغلال إلى الأسواق وإلا فُصل رأسه عن جسده، وكان الوالي ماكرًا، وزاده الحرص على حياته مكرًا ودهاءً، فخرج واستدعى جماعةً من المجرمين المحكوم عليهم بالسجن سنواتٍ طوالاً، وألبسهم ملابس التجار الأثرياء، وحجزهم في غرفةٍ من داره، ثم أرسل فاستدعى تجار الغلال في القاهرة والفسطاط، فلمَّا تكامل عددهم أمر حاجبه فأحضر واحدًا من المجرمين حتى فاجأه الوالي بقوله: "ألم يكفك أيها التاجر أن عصيت أمر مولانا الخليفة حتى حبست الغلال ومنعتها عن الأسواق وتسببت في هذه المجاعة التي كادت تؤذي بالشعب؟

وقبل أن يفيق الرجل من ذهوله وقبل أن يفتح فمه بكلمةٍ للدفاع عن نفسه كان السياف أطاح برأسه، وفعل نفس الحيلة مع تاجرٍ آخر، وهنا علت وجوه التجار صفرة الموت فخروا راكعين متوسلين العفو عنهم على أن يخرجوا ما في مخازنهم من قمحٍ ودقيقٍ إلى الأسواق، ويبيعوا رطل الخبز بدرهم واحد، ولكن الوالي لم يقبل وطلب إليهم أن يكتفوا بدرهم واحد ثمنًا لرطلين، وفي ساعاتٍ قليلة كانت الأسواق قد امتلأت بالقمح والخبز والدقيق!!.

وبدأت الدولة تُقدِّر أن إبعاد شبح المجاعة عن مصر لا يتأتي إلا بتخزين الحبوب، فخصصت من ميزانيتها كل عامٍ مائة ألف دينار لشراء محصول القمح وتخزينه، وكان هذا الاحتياطي في وقت الحاجة يوزع على الطحانين والخبازين، وكذلك كان للدولة متاجر تملكها لبيع الغلال ودكاكين لبيع الخبز بقصد تثبيت سعرها المواد الغذائية الأخرى بإقامة سعر لكل شيء حتى لا يتلاعب التجار بالأسعار.


بين الأمس واليوم

صدق الشاعر القائل: الدهر كالدهر والأيام واحد ... والناس كالناس والدنيا لمَن غلب، فكأننا نعود لهذا الزمن، والتاريخ يعيد نفسه تفصلنا خطوط عن هذه العصور لكن ما كان يحدث قديمًا يحدث الآن أيضًا، تغيَّرت الشخصيات لكنَّ الفعلَ باقٍ، ويا ليتنا لا يصل الحال بنا كما وصل بهم، فها هي الأسعار تتزايد ويتاجر الفاسدون بأقوات الفقراء، فالماء يُباع ويشتري ويرتفع سعر رغيف الخبز ناهيك عن مهازل طوابير الخبز وغلاء الأسعار، ولحوم الكلاب والقطط والحمير واللحوم المستوردة الفاسدة التي تُباع في محلات الجزارة والمطاعم وحدث ولا حرج...

فهل يخرج علينا حكيم من حكماء هذا الزمن لا ينافق حاكمًا ليبصره بما وصل له حال بلدنا كما فعل الحكيم إبور، ومتى تخرج علينا امرأة من عصرنا لتقف على باب القصر الرياسي لتقول "ادعوا معي لمولاي الرئيس، فقد اشتريت البيضة بستين قرشًا ورغيف الخبز بخمسة وعشرون قرشًا، ويا ليته يُؤكل لعدم جودته؟!!

إن التاريخ يقول لنا: لا بد من الضرب بيدٍ من حديدٍ على أولئك المتحكمين والمحتكرين لأقواتنا من المفسدين، كما فعل والي القاهرة.
---------

المراجع:

1- المقريزي، إغاثة الأمة بكشف الغمة، تقديم ياسر سيد صلاح، مكتبة الآداب، القاهرة 1999م.

2- عبد المنعم ماجد، نظم الفاطميين ورسومهم في مصر، ج2، الطبعة الثالثة، القاهرة 1978م، ص 104.

3- عبد المنعم ماجد، امرأة مصرية تتزعم مظاهرة، مقال بمجلة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، المجلد 24، لسنة 1977م، ص 33 : 37.

4- آمال العمري، الخبز في كتابات المقريزي، مجلة الفنون الشعبية، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، العدد 60-61، أكتوبر - نوفمبر 2001م.

5- أحمد السيد الصاوي، المجاعات وتأثيرها على النواحي المالية والحضارية زمن الفاطميين، دراسة أثرية حضارية، رسالة ماجستير (منشورة)، قسم الآثار الإسلامية كلية الآثار، جامعة القاهرة 1985م.

6- سليم حسن، موسوعة مصر القديمة، الجزء الأول "مصر القديمة", سقوط الدولة القديمة والثورة الاجتماعية، سلسلة مكتبة الأسرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

7- محمد بركات البيلي، الأزمات الاقتصادية في مصر، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة 1985م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ثورات المصريين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنوز ودفائن القدماء :: منتدى الحضارات القديمة وتعريفها :: الحضارة الفرعونية-
انتقل الى: