بردية بريس ( حكم فرعونيه)

(بردية بريس)

حكم وأمثال
حكم "كاجمنى"

من أقدم آثار مصر الأدبية الخالدة، كتاب قديم كتبه الحكيم "بتاح حتب" في عصر الملك "اسيسي"، أحد ملوك الأسرة الخامسة (2670 ق.م تقريباً) يتضمن مجموعة كبيرة من الحكم والأمثال والنصائح التي كتبها الحكيم لابنه منذ نحو خمسة آلاف سنة. وهي تكفي لاعطائنا صورة واضحة عن حكمة مصر وآدابها ومثلها العليا في ذلك العصر القديم.

بردية بريس:

وقد وجدت نسخة من هذا الكتاب مكتوبة على ورقة من البردى، اشتراها عالم فرنسي يدعى بريس من أحد الفلاحين في الأقصر، وأهداها إلى المكتبة الأهلية بباريس عام 1847، حيث ظلت محفوظة بها حتى الآن.
ويبدو أنّ النسخة المذكورة قد نقلت في عصر الدولة الوسطى (الأسرة الثانية عشرة) عن أصل قديم.
ويبلغ طول هذه الورقة نحو ثمانية أمتار، وهي في حالتها الحاضرة تتألف من ثماني عشرة صفحة، مكتوبة كتابة واضحة، بالقلمين الأسود والأحمر، بالخط الهيراطيقي.
وهي تبدو، للنظرة الأولى، سليمة كاملة، لخلوها من التشقق والتلف الذي يصيب الكثير من الأوراق البردية والمخطوطات، ولكن الفحص الدقيق لمحتوياتها يظهر أن جزءاً لا يعرف مقداره قد مزق من أولها.
وملف البردى كان يضم في الأصل كتابين على الأقل، لم يصل إلينا منهما إلا الجزء الأخير من أحدهما، أما الآخر فهو كامل تماماً.
وكتابة البردية واضحة، ويبدو فيها قدر كبير من العناية، ولكنها ليست صحيحة دائماً، وكأنما الذي قام بنسخها قد نقلها عن نسخة رديئة الخط، أو مختصرة اختصاراً كبيراً، مما جعله غير واثق دائماً من تهجئة الكلمات.

**********************************

الكتاب الأول
تعاليم كاجمنى

وأول هذين الكتابين، وهو الذي لم يتبق منه سوى الصفحتين الأخيرتين، رسالة في آداب السلوك، سميناها هنا تعاليم كاجمنى.
ومنذ عثر على هذا الكتاب، نسبت التعاليم التي فيه إلى كاجمنى، ولكن الفحص الدقيق لما تبقى منه يظهر لنا أنه لم يرد في هذا الكتاب ما يدل على أن كاجمنى هو الذي قام بتأليفه. والسبب في نسبته إلى كاجمنى أنّ هذا الاسم هو الاسم الوحيد الذي ورد ذكره في ثنايا الكتاب، مما دعا علماء الآثار المصرية إلى الظن بأنه مؤلف الكتاب.
ومن الصعب أن نعتقد أن الوزير - الذي لم يذكر اسمه في الكتاب- والذي دعا أبناءه إليه هو كاجمنى، إذ أنه لم يرفع إلى مرتبة الوزير وحاكم المدينة إلا بعد ذلك.
وإنما الجائز هو أن كاجمنى كان أحد أبناء المؤلف.
بيد أنه لا توجد أهمية كبيرة لذلك، مادام تاريخ كتابة الوثيقة قد حدد فيها بنهاية عصر الملك حوني من أواخر ملوك الأسرة الثالثة. ومن ثم فإن هذا الكتاب، الذي يتحدث عم مجتمع حظه من الرقي والترف غير قليل، يمكن أن يعد أقدم كتاب في العالم كله.

الكتاب الثاني
تعاليم وأمثال "بتاح حتب"

وقد تركت في الورقة البردية بعد ذلك مسافة بيضاء، يبدأ بعدها الكتاب الثاني الذي يتضمن تعاليم وأمثال "بتاح حتب"، ومن حسن الحظ أن هذه التعاليم وجدت كاملة لا ينقص منها شيء، وقد قسمت إلى أجزاء بكتابة حمراء.
وفي هذه التعاليم أيضاً نجد تاريخاً محدداً، فقد جاء في مقدمتها أن مؤلفها عاش في عصر الملك اسيسي. ونحن نعلم أن الملك اسيسي كان أحد ملوك الأسرة الخامسة (2670 ق.م تقريباً)، ومن ثم يكون قد مر على هذه التعاليم ما يقارب من خمسة آلاف سنة.
ومن حسن الحظ أن نعثر على هذا الكتاب كاملاً دون أن يعتوره نقص، ومن أجل هذا فإننا نعده أقدم كتاب كامل في الأدب وصل إلينا.
وبالرغم من أن بعض النصوص الدينية قد وصلت إلينا من هذا العصر، إلا أنها لا تكشف لنا عن أحوال هذا العصر القديم كما تكشف لنا هذه التعاليم التي تتحدث عن أهداف عالية وتميط اللثام عن صورة حية رائعة، للحياة المنزلية والاجتماعية في الدولة القديمة. فنقرأ فيها عن أدب الحديث، وعن الغنى والفقر، وعن التواضع والجد في العمل، وعن الزوجة التي يجب معاملتها برفق، وعن الصراحة والعطف، وعن الكرامة والبعد عن الأذى، وعن الصمت والقناعة، وعن الطاعة وحب الناس.
وهكذا تتوالى الصورة أمام أعيننا، فنجد أنفسنا تارة نتناول الغذاء على مائدة أحد الأشراف، وقد التفت الأضياف حولها، لا يجرءون على رفع أعينهم عن الطعام، ولا يتكلمون إلا إذا وجه الشريف إليهم الخطاب.
وتارة نكون في قاعة مجلس اكتظ بالموظفين، وسيطر على القاعة نظام دقيق، والحاكم يقوم على رأسها، يصغي إلى شكوى المظلوم، ويرد اليه حقه المسلوب.
وتارة نجد أنفسنا وسط جماعة من الناس يقتسمون أرضاً، بعضهم يحاول الحصول على أكثر من نصيبه، وعندما يعجز عن ذلك ينصرف غاضباً، ولكنه سرعان ما يندم على ما فعله.
وهكذا تتتالى الصور وتمضي، كلها طريف، وكلها ملئ بالحكمة والموعظة الحسنة.

من هما... (كاجمنى) و (بتاح حتب)؟

على أننا لا نعلم عن هذين الشريفين – اللذين ألفا هذه التعاليم ووضعا هذه الحكم والأمثال- شيئاً مؤكداً.
ففي منف قبر لشخص يدعى كاجمنى ظنه بعض الناس أنه لصاحب هذه الحكم، ولكن الرأي غير صحيح، لأن القبر المذكور لشخص لا يرجع تاريخه لأبعد من الأسرة الخامسة، على حين أن كاجمنى صاحب تعاليمنا قد عاش في عهد الأسرة الثالثة.
وهكذا الحال مع بتاح حتب. فإنّ في سقارة مقابر لبعض أمراء يتسمون بهذا الاسم، عاش اثنان منهم في عهد الملك اسيسي، ومن ثم فقد ظن البعض أن احدهما لا بد وأن يكون هو بتاح حتب صاحب هذه التعاليم.
بيد أننا إذا قارنا القاب كل منهما بما ورد من ألقاب في التعاليم لا نجد تطابقاً بينها، فضلاً عن أننا لا نجد في هذه القبور ذكراً لأية حكم أو أمثال.
ولذلك فنحن لا نستطيع الجزم بصحة هذا الرأي أيضاً، أو نسبة هذه الحكم والأمثال لصاحب أحد هذين القبرين.

زائر

موضوع فعلا يستحق المتابعة
تشكر اخى حارس الكنز على هذه الموضيع الشيقة

» اكتشاف مقبرة فرعونيه فى مصر
» جداره فلكيه فرعونيه
» طقوس فرعونيه خفيه
» مجموعة آثار فرعونيه...فيديو
» عادات وتقاليد فرعونيه ما زالت تمارس حتى اليوم