فن النحت في العصر اليوناني

فن النحت في العصر اليوناني

بدايه اود التحدث عن التأثيرات الخارجيه التي أثرت على المنحوتات اليونانيه

في بدايه المنحوتات اليونانيه نجد تأثرهم الكبير بالحضاره المصريه التي أحتك بها اليونان وتعلموا منها , حيث كانت منحوتاتهم تشبه الى حد كبير المنحوتات المصريه وهذا ما يسمى بالأسلوب المشرقي أي التأثر بالشرق (مصر والشرق الأدنى) وهذه السمات تعود الى العصر اليوناني القديم أو ما يسمى العصر الأرخي ويمتد من نهايه القرن السابع 660 وحتى 480 ق.م وهي فتره الانتصارات الاغريقيه على الفرس في معركه سلاميس وكان نتيجه هذا الانتصار ان أزدهرت بها الفنون الأغريقيه وخاصه في رسومات الاواني والعماره والنحت وكان الفن عندهم مفعم بالحيويه واستوعب هذا الفن مجموعه من الأفكار الشرقيه .
ومن اهم ملامح التماثيل في تلك الفتره :
• الكتل في التماثيل تظهر ككتل غير مميزه ولا توجد بها تفاصيل .
• التماثيل كانت حره في وقفتها وهو من أولى التعابير الأنسانيه.
• ظهور اسلوب فنى جديد يسمى بالأسلوب الديدالى نسبة للفنان الاغريقى ديدالوس(قادوس:85:2001) وقد ظهرت لاول مرة فى جزيرة كريت وقد بدأ هذا الاسلوب مقتصرا على تماثيل التراكوتا ( الطين المحروق ) ولكنه تطور فيما بعد ليشمل الرخام ومختلف الاحجار.

• تميز الاسلوب الديدالى بالوجه المسطح والجمجمة الصغيرة والشعر المصفف على الجانبين ونلاحظ ايضا ضخامة الملامح وغياب التشريح والتناسق الجسمانى .
• ظهور ايضا تماثيل الشباب والشابات Kouros و Kore وتعد تلك التماثيل هى القاعدة الاولية التى انطلقت منها مراحل تطور فن النحت اليونانى حيث أستطاع الفنان اليوناني من خلالها التحرر من الجمود الشرقي

صوره(1) تمثال ايزيس من متحف مكتبه الاسكندريه
(تمثال من الجرانيت الأسود، بدون رأس، للمعبودة إيزيس؛ في وضع الوقوف، والقدم اليسرى إلى الأمام قليلا: على الطريقة المصرية.
وذراعاها إلى جانبيها، ويدها اليسرى مفتوحة، وذراعها الأيسر أطول من الأيمن واليد اليمنى مقبوضة. ويظهر أحد الذراعين، في معظم تماثيل الآلهة، أطول من الآخر.
وشكل الفنان، في هذا التمثال لإيزيس، أجزاء الجسم بمهارة فائقة؛ وعلى نحو يبرز أنوثتها.
والتمثال يمثل دمجا بين الفن المصري والفن الإغريقي. فهو يظهر الشكل المصري في وضع الوقوف، بينما يعكس تفاصيل البدن التي تشاهد في الفن الإغريقي.)

ومع مرور الوقت تحرروا من هذا الاسلوب واتجهوا نحو المثاليه والتفاصيل الدقيقه وابراز ثنايا الثياب وفن المنظور.
قبل الخوض في تفاصيل المنحوتات اليونانيه يجب التطرق أولا" الى الموضوعات التي اعتنت بها هذه التماثيل , وتنقسم هذه الموضوعات الى قسمين أساسيين:
 أولا":
منحوتات كانت تصور أساطير اليونان , وقصص أربابهم ورباتهم ومأثر أبطالهم (بيضون:17:1997) وأظهروا فيها مظاهر التعبير والانفعال والعاطفة مثل الحزن والألم والخوف. ومن هنا نلاحظ ان الفن عند اليونان وجد لخدمه المعتقدات الدينيه التي تجسدت من خلال تجسيد الالهه من خلال تماثيل تحاكيها وتعبر عنها حيث انهم كانوا بحاجه الى ماهو ملموس لتجسيد صوره الاله الموجوده في اذهانهم حيث ان اليونانين كان لديهم حس فني عالي.والمثال على ذلك على سبيل الذكر لا الحصر تمثالي زيوس وأثينا وكانا من أعمال الفنان فيدياس الذي تجسد من خلالهما قوه وهيبه وحكمه الالهه . وظهر نوع أخر من التماثيل الدينيه ولكن كانت تخدم الناحيه الوظيفيه أكثر من الناحيه الدينيه وتمثلت بالمنحوتات البارزه كانت الغايه منها تزين المعابد والمباني الهامه وكانت جزءا" أساسيا من زخارف المباني المعماريه بما تصوره من القصص الأسطوريه الهامه(عكاشه:120:1982).

 ثانيا" :
منحوتات كانت تصور الحياه اليوميه كتصويرها للسباقات الرياضيه التي كانت تقام في المسارح والمدرجات وتصويرها لأحوال النساء مع أطفالهم وتصوير صراعات المخلوقات الأسطوريه وتصوير النائحات على القبور وتعد هذه نقلة فنية متميزة لانه جعل الشعب يشارك مع القادة والابطال والمعبودات فى حركة النهوض بالفنون الاغريقية .

السمات والملامح العامه للمنحوتات اليونانيه

أهم ملامح النحت اليوناني التي تميزه عن نظيره في الحضارات الاخرى هي ظاهره العري فقد أمتاز الفن اليوناني بالتماثيل العاريه التي كانت انعكاسا" للممارسات والعادات اليونانيه في هذه العصور, والقصد من ذلك المبارايات الرياضيه التي كانت تتم بين أشخاص عاريين تماما(مصطفى واخرون:85:1999) ففي نظر اليونان كان الجسد الذكري رمز التناسق والجمال ففي كل منحوتاتهم يكون التركيز على ابداع التكوين الجسدي بما يحقق التماثل الأفضل لا بما يصور الحقيقه وكان ذلك جزءا" من سعيهم وراء تحقيق الكمال . وظهرت ايضا" كذلك التماثيل النسائيه العاريه ولكن دون اظهار كافه التفاصيل ومثال ذلك تماثيل الالهه من الاناث مرتديات ملابسهم فيما عدا افروديتي.

ومن الصفات التي تميزت بها المنحوتات اليوانانيه الواقعيه في التصوير والحركه والتعبيروالموضوع المطروح حيث أخذت نسب التماثيل الحجم الطبيعي للأنسان حيث كان عندهم (الرجل مقياس لكل شيء) وكانت هذه النظريه مطبقه عندهم على التماثيل بل تعدت ذلك الى العماره فكل المقاييس والنسب المعماريه كانت تحسب بالنسبه لجسم الأنسان وتوزيعاته العضويه على خلاف التماثيل المصريه التي كانت تتسم بضخامتها وكبر مقايسها بالنسبه الى حجم الانسان الطبيعي .وتجلت الواقعيه أيضا" من خلال من خلال المنحوتات التي أظهرت السن المتقدمه والطفوله والمشوهين والغضب واليأس والأختلافات العرقيه(ريختر:113:1997)

أهتم النحات اليوناني بالتفاصيل والحركات بشكل يستلفت الأنظار في الأيدي المستديرة والأذرع المثنية ولم يبال النحات بفكرة صيانتها والمحافظة عليها على عكس الفنان المصري الذي نحت تماثيله في أوضاع تساعد في حفظها من الكسر وتصارع الزمن .
بدأت التماثيل اليونانيه في اظهار المزيد من الليونه وبدأ المثال اليوناني في ابراز حركه الجسم والعضلات والاتجاه نحو تصوير الجسم الرياضي في شتى الاوضاع (Graffiths:145:1992)ومن الأمثله على ذلك تمثال رامي القرص يرينا هذا التمثال بدايات المستوى الرفيع الذى وصل إليه فنانوا هذا العصر ويبدو ذلك من خلال ترتيب العضلات فى احتلال جزء كبير من المساحة المقام عليها التمثال حيث يقف الرياضى ويضع الهدف امام عينيه ويستعد فى اللحظة القادمة لكى بقذف بالقرص ويظهر ذلك فى حركة دوران الرأس بين الجسم والرأس وحركة الساقين وإتجاه الايدى وهذا التناسق الرائع حققه الاتزان فى القدم اليمنى الثابتة على الارض وتقهقر اليد اليمنى التى تحمل القرص وبين انحناءة الرأس والجانب الايسر من الجسم وبالتالى نجح ميرون فى توزيع العمل على جميع اجزاء الجسم بالتساوى وهو تكوين جديد فى الفن اليونانى اهتم بإبراز عضلات البطن والساقين بشكل يتلائم مع حركة الجسم.

أرتبط فن النحت عند اليونان أرتباطا" وثيقا" بفن العماره اي انه كان هنالك تداخل بين بين فن النحن مع فن العماره خاصه في بناء المعابد حيث أستخدمت التماثيل الرخاميه والبرونزيه عند مداخل البنايات والمعابد ليصل الامر فى بعض الاحيان إلى تكامل تام بين الفنيين ونجد افاريز المعابد الاغريقية مليئة بالاعمال النحتية الرائعة لمختلف الفنانين .

المثال الإغريقي أمين في تحقيق الجمال وقوانين النسب والتناسب وقوانين المنظور(بيضون:23:1997) حيث حافظت التماثيل اليونانيه على مستوى رفيع من الجمال ويعود ذلك الى أمرين أولهما أنها كانت تمثل الالهه وثانيها أن من نحتت تماثيلهم من البشر كانوا من الرياضيين اي من المتكاملين والمتناسقين جسمانيا"(عكاشه,الناطور,بيضون:128:1991) وكانت تمتاز بالرشاقة والرقة والاتزان قليل المغالاة في الناحية العاطفية .
أهتم النحات اليوناني بتمثيل الرداء ولم يكتفي فقد بوضعه لستر الجسم بل لأهتم بأبراز ثنايا الثوب وابراز تفاصيله ليأتي الثوب ايه في الجمال
تمثال أثينا بارثينوس من متحف أثينا القومي

يعد هذا التمثال من الذهب والعاج احد روائع الفن فى العالم ونجد انه لم يتبق لنا سوى نسخ رومانية مصغرة لهذا العمل الذى تم تدميره ونجد ان التمثال كان يقف فى وسط معبد البارثنون ويستند على قاعدة ارتفاعها متر و20 سم وترتدى المعبودة اثينا البيبلوس الطويل المحزوم الذى يغطى الاقدام ونجد براعة الفنان فى انه قد صور على الاقدام معارك بين الاغريق والكنتاور وقد صور التمثال بنظرة امامية حتى يلفت انتباه المشاهد ونجد ان الفنان وضع تمثال للمعبودة نيكى ارتفاعه متران على يد اثينا وكانت عبادة نيكى مرتبطة بعبادة اثينا والبعض يرى انهما واحد .
ونجد مناظر مميزة على الدرع فنجد من الداخل ثعبان القلعة يحمى المعبودة وعلى الوجه الخارجى للدرع نجد معارك بين الاغريق والامازونات .
ونجد ان فيدياس استخدم فى التمثال نحو 1000 كيلوجرامات من الذهب وهو رقم كبير جدا وتكلف التمثال مابين 700 إلى 1000 تالنت وقد اتهم فى ذلك الوقت بسرقة نسبة من الذهب إلا انه استطاع تبرئة نفسه فى النهاية .

وامتاز النحت اليوناني بالصراحه المطلقه في التعبيرالصريح في تصوير الواقع اليوناني دون اللجوء الى الرمزيه التي كانت تتميز بها حضارات الشرق الادنى القديم على سبيل المثال نجد بعض الاعمال اليونانية تشير لانحراف ميل الرجال للصبية وهو ما كان معروفا فى المجتمع اليونانى .

يميل التمثال اليوناني إلى النعومة والتكامل والتشطيب الوافي مع الإيقاع في الأجسام الحية أي أنه كان في حركيا"لايقوم على التناظر أو التوازن التماثلي حيث أننا نجد التمثال يستند على قدم واحده مع ابراز الحركات المتنوعه لتبدو في النهاية بعيدة عن الجمود والصلابة أو التوازن التماثلي التي تميز بها النحت المصري.
ظهرت ظاهره جديده في العصر الهلنستي في النحت حيث كان هناك أتجاه واضح نحو ثقليد الطبيعه مع أحياء التنويع والتميز .
يضفي النحات الإغريقي على تماثيله من التألق مع إضافة المميزات الفردية للجسم الإنساني فيضمنه بما يبين مقدرة النحات ومهاراته الفائقة التي تتيح له سهولة التنفيذ والسيطرة والتمكن من الخامة والإلمام بدقائقها وأسرارها

واختم موضوعي في مقوله للفيلسوف ونكلمان.
رأي الفيلسوف ونكلمان في الفن اللإغريقي : نظر الإغريق للفن على أنه الجمال المطلق المتمثل في محاكاة الطبيعة.

» التعليم في التاريخ اليوناني
» كتاب الاكسير براكلسوس اليوناني
» التأثير اليوناني في الحضارة النبطية ورموزها ودفائنها ...
» العصر الكلاسيكي (500ق-م/323ق-م)
» رسومات العصر البرونزي