الخروج من الانتكاسة التي أصابت المسلمين

وسائل الخروج من الانتكاسة1- تجنب أسباب الانتكاسة: لأن الوقاية خير من العلاج، ولا نصل إلى الدواء إلا بمعرفة الداء.2- العقيدة السليمة التي يترتب عليها التحول والتغيير: فالعالم قبل الإسلام كان في ضلال وتخبط ـ وهو شبيه إلى حد ما بواقعنا ـ يعيش حياة العبث والمجون، وسفك الدماء والظلم، وغياب القيم ...، ولقد لخص القرآن واقعهم في كلمات وجيزة: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164] وبعد الإسلام صاروا منابع هداية ورحمة وعدل، تراهم ركعًا سجدًا يبتغون فضلًا من ربهم ورضوانًا، {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح : 29]، فالإيمان هو العامل الأساس في الإصلاح والتغيير، فيجب على كل مصلح أن يبدأ من العقيدة التي منبعها الكتاب والسنة.3- العلم: المبني على الفهم الواعي لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك فهم الواقع، وترسيخ مفهوم شمولية الدين، وأنه صالح لكل زمان ومكان، وأنه رباني الغاية والوجهة، يمتاز بنزعته الإنسانية الواضحة الثابتة في معتقداته وعباداته وتشريعاته وتوجيهاته؛ لأنه دين الإنسانية، وهو دين الوسطية والتوازنية، لا دين الرهبانية والمادية، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} [البقرة: 201]، ودين الحضارة الذي يجمع بين الثبات والمرونة، فبهذا العلم والفهم نصلح شئون الدنيا والدين.4- إصلاح الشأن عن طريق تزكية النفس وتطهير القلب: فكثيرًا ما يدعو الإسلام إلى ذلك، قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 7-10]، وقبل أن ينطلق الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته {قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر : 2] أمره بالتزكية {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل : 2].وسبحان الله في توافق رقم الآيات في السورتين، وكأن الله يقول لعباده لا إصلاح إلا عن طريق التزكية وتربية النفس! من أجل ذلك حافظ صلى الله عليه وسلم على قيام الليل في السلم والحرب، كما أمره سبحانه وتعالى أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف : 28].5- الاهتمام بجانب الأخلاق: لأن العبادات ما شرعت إلا لترسيخ القيم والمبادئ والأخلاق، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45]، وكذلك الصيام والحج والزكاة ...، بل لخص رسولنا صلى الله عليه وسلم رسالته بقوله: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) [رواه البيهقي في السنن الكبرى، (10/192)، وصححه الألباني في الصحيحة، (45)]، واعلم أن بقاء الأمم واستمرارها يقاس بمدى احتفاظها بالأخلاق والسلوكيات والقيم الرفيعة.إنما الأمم الأخلاق ما بقيت        فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا6- الاهتمام بالإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي والحضاري ... كي نواكب موجة التقدم الملحوظ الذي يشهده العالم، وهذا لا يتأتى إلا على يد سواعد أبنائنا، وتوفير الدعم المادي والمعنوي، وإزالة العقبات من طريقهم، ولا ينبغي أن نتغنى على أطلال أسلافنا، ونبكي على الماء المسكوب، فلقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه دولة قوية البنيان في المدينة على الرغم من تجريدهم من الأموال:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [الحشر: 8]، وبدءوا من الصفر مما أدهش العالم كله، فهل لنا فيهم قدوة؟!

و إياكم